احتفظ السويسري جوزيف سيب بلاتير بتاج الملك على رأس الاتحادية الدولية لكرة القدم، عقب أشغال الجمعية العامة الانتخابية بزيوريخ السويسرية، أمس، التي جرت في ظروف استثنائية وغير مسبوقة، ميزتها حملة الاعتقالات لـ”مسؤولين كبار” في الهيئة الكروية الدولية بتهمة الفساد، ثم الإنذار بوجود قنبلة قبل ساعات من بدء الانتخابات. وجود “الملك العجوز” في عين إعصار صنعه الأمريكان قبيل أيام فقط من موعد الحسم لاختيار رئيس “الفيفا”، لم يؤثر عليه ولم يفقده التأييد وسط أعضاء الجمعية العامة لـ”الفيفا”، رغم وقوف الفرنسي ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ضد بلاتير حين أعلن تأييده للأردني الملك علي بن الحسين، كون اعتقال عدد من أعضاء المكتب التنفيذي للاتحادية الدولية لكرة القدم، والتلميح إلى إمكانية تورّط بلاتير نفسه في قضايا الفساد بشأن منح روسيا وقطر شرف تنظيم مونديالي 2018 و2022، والاتهامات بتلقي رشاوى أيضا بخصوص الإشهار، كان يهدف بالدرجة الأولى إلى إضعاف موقف السويسري بلاتير بأي شكل، لمنعه من الظفر بولاية خامسة على رأس “الفيفا”، كون الأمريكان والإنجليز لم يهضما لحد الآن نيل بلد عربي، ممثلا في قطر، شرف تنظيم المونديال، المرشح ليكون سنة 2022، أفضل دورة نهائية لكأس العالم على الإطلاق.بلاتير الذي تولى رئاسة “الفيفا” سنة 1998 بعدما كان الأمين العام للهيئة الكروية الدولية في عهد الرئيس البرازيلي جواو هافالانج، خرج منتصرا على كل خصومه، وهو الذي يبلغ من العمر 79 عاما، فقد نال السويسري 133 صوتا في الدور الأول مقابل 73 صوتا للأردني علي بن الحسين، قبل أن ينسحب الأخير من الانتخابات، فاسحا المجال لفوز بلاتير بولاية خامسة تنتهي عام 2019.وتغيّرت ملامح بلاتير بعد انتهاء “الكابوس”، وبدا الرجل مرتاحا مقارنة بما كان عليه قبل الانتخابات، وخلال الأيام الثلاثة الأخيرة من مسلسل الفضائح غير المسبوق، بل أن بلاتير راح يتحدث بنوع من المرح إلى الإعلاميين، مؤكدا بأنه عاش ضغطا كبيرا قبل أشغال الجمعية العامة، مضيفا في سياق حديثه وهو يعلن بأنها العهدة الأخيرة له “سأعمل على ترك الاتحادية الدولية لكرة القدم أقوى لمن سيخلفني على رأسها”.بلاتير الذي ولج أسوار “الفيفا” سنة 1975، يقضي اليوم 40 عاما بها، وكانت أولى مهامه شغل منصب مسؤول برامج التطوير على مستوى الهيئة الكروية الدولية التي لم تكن في ذلك الوقت توظّف سوى بعض العاملين، وكان مقرها في إحدى البنايات بزيوريخ السويسرية، لتشهد “الفيفا” مع دخول كرة القدم العالمية ثورة حقيقية، خاصة في عهد بلاتير الذي شغل منصب الأمين العام لـ”الفيفا” ما بين 1981 و1998 في عهد رئيسها البرازيلي جواو هافالانج، قبل أن يخلفه سنة 1998 واحتفظ بعلاقات طيبة برئيسه السابق الذي ظل يتصل به على الأقل مرة واحدة كل أسبوع.وقال بلاتير بشأن تزاوج كرة القدم مع التلفزيون ودخول اللّعبة الساحرة العالمية وأصبحت تذر أموالا طائلة “قال لي هافالانج وقتها لقد صنعت وحشا”، في إشارة إلى أن كرة القدم أخذت بعدا عالميا في عهد تولي بلاتير الرئاسة كون الرجل العجوز اليوم يتربع على هيئة كروية مبنية على احتياطي بقيمة 1.5 مليار دولار، في وقت، وجد بلاتير قبل نحو أربعين عاما نفسه مضطرا للاستدانة على مستوى أحد البنوك لتسديد رواتب العمال في “الفيفا”.ووجد السويسري جوزيف سيب بلاتير، الذي عاش كابوسا ثم أفراحا في بلده سويسرا، تأييدا من عدة اتحادات وكونفدراليات في عز الأزمة والفضيحة التي ضربت أسوار مملكة كرة القدم، منها الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، وهي مواقف سيكون لها تأثير في التوازنات المقبلة، بينما سيكون لبقاء بلاتير ملكا لـ”الفيفا” تأثير إيجابي على البلدين اللذان ظفرا بشرف تنظيم المونديالين المقلبين وهما روسيا وقطر.الفيفا.. حلبة صراع بين واشنطن وموسكو أشارت وسائل إعلام روسية إلى “مؤامرة أمريكية” لمنع تنظيم كأس العام 2018 في روسيا، بعد ساعات على إعلان القضاء الأمريكي التحقيق مع 14 شخصا من أعضاء حاليين أو سابقين للفيفا ورؤساء شركات تسويق رياضي على علاقة بالفيفا، للاشتباه في تلقيهم رشاوى منذ 1990. كما أصدرت الخارجية الروسية بيانا هاجم اللجوء “غير المشروع” للقانون الأمريكي في هذه القضية، وطلبت من واشنطن وقف “المحاولات لتطبيق قوانينها خارج حدودها”. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقابلة صحفية، إن جوهر فضيحة الفساد ليس إلا “منع إعادة انتخاب” جوزيف بلاتير رئيسا للفيفا، لأنه قاوم “ضغوط” الساعين لإقناعه بالعودة عن اختيار روسيا لاستضافة كأس العالم 2018. ولم يذكر بوتين الولايات المتحدة بالاسم من ضمن المعارضين لتنظيم كأس العالم في روسيا، لكنه أكد أن القضية الجارية “محاولة واضحة لمنع إعادة انتخاب بلاتير رئيسا للفيفا، ما يشكّل خرقا صارخا لقواعد عمل المنظمات الدولية”. كما شكك بوتين في شرعية تحرك القضاء الأمريكي في قضية لا تجري أحداثها على أراضيه، ولا أحد من المتهمين من مواطنيه.وتابع: “لا أدري إن كان أي منهم خالف القانون، لكن في جميع الأحوال لا علاقة للولايات المتحدة بأي شكل بهذا كله. هؤلاء المسؤولون ليسوا مواطنين أمريكيين.. وإن حصل شيء، فلم يجر على أراضي الولايات المتحدة، التي لا دخل لها بالمسألة برمتها”، وأضاف “إنها محاولة جديدة للولايات المتحدة لتوسيع صلاحيتها القضائية لدول أخرى”.في المقابل، صرح المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جيفري راثكي أن “التلميح إلى أنه من غير المرحب أن نبدي اهتماما بـ(مكافحة) الفساد، أمر يصعب فهمه”. وردا على الأثر المحتمل لهذه القضية على العلاقات الأمريكية الروسية، أكد المتحدث أنه “لن يكون لها أي تأثير على العلاقات”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات