38serv

+ -

شهر شعبان من الأشهُر القليلة الّتي يَهتمُّ بها المسلمون، فكان سلفنا الصَّالح يهتمُّون بصوْمِه اقتداءً برسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم، وكان النّبيّ صلَّى الله عليْه وسلَّم يَحتفي بشعبان ويصوم فيه أكثرَ من غيره من الشُّهور. كان من هدي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الصّيام في شهر شعبان، لأنّ هذا الشّهر يَغفل النّاس عن صيامه، لأنّه يأتي بين شهر الله الحرام رجب وشهر رمضان. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله يصوم حتّى نقول: لا يفطر ويفطر حتّى نقول: لا يصوم، وما رأيتُ رسول الله استكمل صيام شهر إلاّ رمضان، وما رأيتُه أكثر صيامًا منه في شعبان” أخرجه البخاري ومسلم. وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشّهور ما تصوم من شعبان. فقال: “ذاك شهر تغفل النّاس فيه عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفَع فيه الأعمال إلى ربّ العالمين، وأحبّ أن يُرفع عملي وأنا صائم”.الاستعداد لشهر رمضانإنّ شهر رمضان شهر الخير والإقبال على الله سبحانه، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا دخل رجب دعَا الله أن يُبلِّغَه شهر رمضان فيقول: “اللّهمّ بارِك لنا في رجب وشعبان وبَلِّغنا رمضان”، وكان السّلف الصّالح يدعون به.فالصّوم في شعبان تمرين وتعويد المسلم على صيام شهر رمضان لئلاّ يصعب عليه صوم رمضان ويشعر بالمشقّة والتّعب، بل يكون قد تمرّن على الصّيام واعتاده، وكذلك ينبغي التهيّؤ بالإكثار من العمل الصّالح في شعبان من القيام وقراءة القرآن والصّدقة، وفي هذا تدريب للمسلم على المنافسة في الأعمال الصّالحة، وتعويد لنفسه وتهيئة لها لكي تزداد عملاً واجتهادًا في شهر رمضان الفضيل.ويستحب عِمارة أوقات غفلة النّاس بالطّاعة، فقد كان طائفة من السّلف يستحبّون إحياء ما بين العشائين (المغرب والعشاء) بالصّلاة ويقولون هي ساعة غفلة، ومثل هذا استحباب ذِكر الله تعالى في السّوق لأنّه ذكْر في موطن الغفلة بين أهل الغفلة.كما أنّ العمل الصّالح في أوقات الغفلة أشقّ على النّفوس، ومن أسباب أفضلية الأعمال مشقّتها على النّفوس لأنّ العمل إذا كثُر المشاركون فيه سَهُل، وإذا كثرت الغفلات شقّ ذلك على المتيقظين، وعند مسلم من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه: “العبادة في الهَرْج كالهجرة إليَّ” (أي العبادة في زمن الفتنة، لأنّ النّاس يتّبعون أهواءهم فيكون المتمسّك يقوم بعمل شاق).ليلة النصف من شعبانورد في فضْل اللَّيلة الخامسةَ عشرة من شعبان أحاديثُ رواها أصحاب السنن، كالترمذي وابن ماجه وأحمد، وهي أحاديث ضعاف باتِّفاق أهل العلم، وقد قوَّى بعضُهم بعض هذه الأحاديث بشواهدها. روى الترمذي عن عائشة قالت: فقدتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ليلة فخرجت، فإذا هو بالبقيع، فقال: “أكنت تَخافين أن يَحيف الله عليك ورسوله؟”، قلت: يا رسول الله، إنّي ظننتُ أنَّك أتيت بعض نسائك، فقال: “إنَّ الله -عزَّ وجلَّ- ينزل ليلة النِّصف من شعبان إلى السَّماء الدّنيا، فيَغفِر لأكثرَ من عدد شعر غنم كلب”. 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات