أؤكد لك يا أستاذ سعد أن ما تقوله في عمودك هو حقائق بنسبة 90%، وهذا العمود هو الشيء الوحيد الذي أطلع عليه يوميا وأحتفظ به في أرشيفي، أنا تعبان مثلك لأننا مصابون بمرض اسمه الغيرة على الوطن والتألم لما لحق به من شرور، هذا لا يجعلنا نظلم الآخرين، وأقصد هنا قولك يوم 23 ماي “تونس تبيعنا لأمريكا”، ووجدت في هذا الحكم الكثير من الظلم لشعب شقيق، ولا أدافع هنا عن تونس ولا تربطني بها أي علاقة مصلحية، وأنا قبل كل شيء جزائري منذ 3000 سنة على الأقل.ما قلته عن السعودية والمغرب وفرنسا وأخرى لم تذكرها صحيح، لكن إقحام تونس في ذلك غير منطقي، وحسب استنتاجي أنك اعتمدت في ذلك على الاتفاقية التي جعلت منها شريكا للناتو، وأنا اعتبر أن هذا شيء يخص الدولة التونسية، كما للجزائر علاقات مميزة في الميدان العسكري مع روسيا، ولا أرى وجها لما أشرت إليه. ثم أن تونس لا يمكن أن تبيع الجزائر لأسباب عديدة، فهي لم تبع قادة ثورتنا وسياسيينا وجنودنا ولاجئينا لفرنسا أثناء الثورة، رغم ما تعرضت له من مضايقات، آخرها ساقية سيدي يوسف، فكيف تبيعها اليوم وهي في حاجة إليها. بالإضافة إلى الاحترام الذي فرضته تونس لأنها الوحيدة في العالم العربي التي نجحت بنسبة كبيرة في تغيير جذري لنظامها بأقل التكاليف. الشعب التونسي يحب ويحترم الجزائريين، فلماذا نخلق اليوم بهذا الحكم نوعا من الكراهية بيننا، ثم أنه لا يمكن أن نجعل كل شعوب الأرض تكرهنا وتتآمر علينا. نحن لا ننتظر أن نحكم على أنفسنا من خلال مواقف الآخرين حيالنا، نحن لسنا قوة إقليمية، لسبب بسيط وهو أن الدولة الإقليمية لا يمكن أن تعتمد في صادراتها على مادة أولية واحدة بنسبة 97%، ولا يمكن أن تخضع لشروط شركة من خلال مصنع صغير، ولا يمكن أن يعالج الكثير من سكانها في دول أخرى على رأسها تونس، وهنا يمكن أن نستثني قوتنا العسكرية والأمنية لأنها قوة إقليمية فعلا، لكنها غير كافية لأن تجعل منا دولة ذات قوة إقليمية فعلية.عندما ننظر إلى حالنا سوف نتحقق من أننا بعنا أنفسنا قبل أن يبيعنا الآخرون، بعنا أنفسنا عندما حوّلنا سهل متيجة إلى إسمنت، وبعنا أنفسنا حين جعلنا من الرداءة طريقة عملنا وولينا أمورنا للسرّاق، فبذّروا خيراتنا السطحية والباطنية والبحرية.. نحن أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض.بوساحية عبد الله فكرتك جيدة وتستحق القراءة، وقد أكون أخطأت في حق الشقيقة تونس بحشرها مع الذين ذكرتهم، وأزيد على فكرتك معلومة أخرى مهمة، وهي أن تونس الشقيقة لم تزايد علينا خلال سنوات الإرهاب الدامي كما فعل بعض الأشقاء في الشرق والغرب، لكن أذكر لك أيضا الآتي:أولا: الجزائر الثورة لم تكن تسمح بأن يتدخل في شؤونها الداخلية كثورة أي واحد من الأشقاء، وبسبب ذلك نقل الثوار في 1958 قيادة الثورة من القاهرة إلى تونس، حتى لا يتدخل المصريون في الشأن الجزائري كما فعلوا أو يفعلون بالفلسطينيين.. والأشقاء في تونس حفظوا هذا الدرس الجزائري للمصريين جيدا.ثانيا: في نهاية الخمسينيات اتفق بورقيبة مع ديغول على إنشاء أنبوب بترول من الصحراء الجزائرية إلى الموانئ التونسية مقابل تغيير تونس موقفها من الثورة الجزائر.. ومقابل عائدات مالية لتونس قبل بورقيبة العرض الديغولي بحجة أن الشعب التونسي يريد أكل الخبز.. وكتب المرحوم عبان رمضان افتتاحية في “المجاهد” تحت عنوان “الخبز المسموم”، وصادرت السلطات التونسية الجريدة، واعتقد أن حكاية الأفريكوم إذا حدثت ستكون اليوم بمثابة الخبز المسموم[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات