+ -

 عاد إلى الجزائر الفنان القبائلي نور الدين حسني المعروف بنورالدين شنود، الذي اشتهر وتألق بالأغنية التي التصقت باسمه “شنود”، والتي ألّفها وسنه لا يتعدى الـ 18 سنة، عندما كان  طالبا بثانوية الأمير عبد القادر بالعاصمة، وبيع منها أكثر من 100 ألف نسخة في كل من فرنسا والجزائر، تبعتها سلسلة من الأغاني، منها أغنية “أبرنوس” و”بابا”. صاحب النظارات الصغيرة والشعر الطويل المجعد، المولع بمداعبة الڤيتارة، يتحدث في حوار مع “الخبر” عن رحلته الفنية وعن الغياب ومشاريعه المستقبلية.عرفك الجمهور بأغنية “شنود”، ما سر انتشار هذه الأغنية؟ قدّمت أغنية شنود سنة 1973،هي أول تجربة لي في مجال الفن الحديث، هذا النمط لـ”بوب ديلان” وكان له نجاح كبير في الجزائر، وبين مجتمع المهاجرين في فرنسا، قدمتها بالڤيتارة والأرمونيكا فقط، وهذا النمط يعتبر جديدا مقارنة بما كان متداولا في تلك الفترة، أحدث ثورة في مجال الفن، إذ أن أغنية شنود كسرت الموسيقى القديمة، خاصة بعد مرورها في التلفزة في حصة منوعات لمحمد حلمي، وتم توزيعها في كل مناطق الجزائر، بالرغم من أن تلك الفترة اقتصرت فيها الأغنية القبائلية على ولايتي بجاية وتيزي وزو، لكن النوع الذي قدمت به أكسبها ميزة ولمسة لم تكن موجودة من قبل، فقد كنت معروف بـ”شنود” والفنان إيدير بأغنية “أبابا ينوبا”، ونحن الاثنين من كان يؤدي النوع الحديث في تلك الفترة بالڤيتارة والأرمونيكا، مما أثار حفيظة واستغراب الفنانين القدامى من هذا النوع الغريب في الغناء، وأغنية “شنود” هي نوعا ما رغبة في الحرية الموسيقية وقد تعدّت الأغنية الشهرة المحلية إلى شهرة دولية، بعدما ترجمتها إلى الإنجليزية والفرنسية، تمثل “شنود” في تلك الفترة القطيعة مع التقاليد، حيث أن كلمة “أحبك” هي بمثابة طابو، ولا يمكن كتابتها في الشعر القبائلي، كل هذه العوامل الجديدة حفزت الأغنية وأعطتها صبغة خاصة حصدت بها إعجاب الكثيرين خاصة الطبقة الشبانية، التي كانت في تلك الفترة تطمح للتفتح والحداثة.    لاحظنا غيابكم عن الساحة الفنية الجزائرية؟ صحيح أني غائب عن الساحة الفنية الجزائرية، لكنني قدمت أربع ألبومات وفيلم وثائقي وزعت كلها في فرنسا، منها ألبوم “الغزالة بعد منتصف الليل”، وألبوم “شنود سلوبي”، كذا ألبوم “أعلي أعلي أثازروت” مع الفنان إيدير، إضافة إلى “فيلم سليمان عازم” عام 2004 -2005، كذلك ألبوم “دموع الشمس”، وهو بمثابة إهداء لروجيه حنين، كلها تم تأليفها ونشرها وتوزيعها في فرنسا، كما أن معظم دور النشر تطلب في عديد الأحيان توقيع عقد على أن يقدم الفنان كل سنة ألبوما جديدا، مما يعرض الفنان للتعويض إن لم يقدم عملا جديدا، وهذا يعتبر عائقا بالنسبة لي كوني أعتمد على الإلهام، فهناك سنة يمكن التأليف والكتابة فيها وهناك سنوات لا يمكن تقديم الجديد.ما هو سبب عدم توزيع أعمالكم في الجزائر، بينما أنتم لا تتواجدون إلا بفرنسا؟ يعود السبب إلى مشكل دور الإنتاج والتوزيع السمعي البصري، وصعوبة إيجاد دار تتكفل بالعمل من أوله لآخره. بصراحة لم أجد دار إنتاج جيدة أو تثّمن العمل وتخرجه كما هو أصلي. لكن وجودي بفرنسا لم يمنعني من مواصلة مشواري الفني، بدليل تقديمي لعدة أعمال هناك، فأنا فنان أعتمد على الإلهام في كتاباتي، وعندما أحس برغبة في الكتابة والتأليف أختار المناطق الريفية والجبلية وأتصور نفسي وكأنني ببلاد القبائل وأطلق العنان لمخيلتي.كيف ترى الأغنية القبائلية المعاصرة؟ صحيح أن بعض الغناء المعاصر كساه نوع من الطابع التجاري، لكنه خير من لا شيء، فهو حتمية المجتمع والوقت هو من كرّس هذا النوع الغنائي، لأن المجتمع تغيّر وأصبح يتطلب أنماطا جديدة، يعتبر الغناء المعاصر تنوع في حد ذاته وهو تلبية لرغبة الجمهور قبل كل شيء، وبالرغم من كونها تجارية لكنها تعجب الجمهور وهذا هو المهم.أنت أستاذ في اللغة الإنجليزية، ألم تشغلك هذه المهنة عن الفن؟لا بالعكس، فقد اشتغلت بمركز للمعاقين بفرنسا لمدة 6 سنوات كإطار تربوي، أقدم دروسا في علم خط اليد والموسيقى والشعر، فأنا لم أبتعد عن مجال تخصصي، وهذا لم يعرقل عملي الفني، بالعكس دعمني أكثر، كنت أعرض أعمالا مسرحية للفئات الموجودة بالمركز من فرنسية وجزائرية وإسبانية ومن بقية أنحاء العالم، كما اشتغلت أيضا في ديار العجزة بفرنسا وقدّمت عدة نشاطات فنية لأني أعتبر الموسيقى رفيقة الإنسان ولا ترتبط بالسن.بالإضافة إلى فيلم “سليمان عازم” هل لديك مشاريع لأفلام أخرى؟ نعم لدي مشروع لكليب، وربما سأحوله إلى فيلم عن الفنانة القديرة شريفة رحمها الله، حيث سجلت لها العديد من الأغاني وأقنعتها بنجاعة الفكرة، وبذلك أصبحت بالإضافة إلى مؤلف وفنان، منتج للأفلام.كان آخر ألبوم لك سنة 2012 بفرنسا، بعنوان “الڤيتار القبائلي” هل هناك مشاريع جديدة؟ وهل سيتم توزيعها في الجزائر؟     نعم آخر ألبوم لي كان بين سنتي 2011 و2012 فيه 36 دقيقة من الموسيقى تم توزيعه في مختلف المقاهي والمطاعم والقاعات العائلية في فرنسا، وربما سنوزعه هنا في الجزائر، الآن أنا بصدد اختيار عنوانين أو ثلاثة تحضيرا للألبوم الغنائي جديد الذي سأقدمه إن شاء الله بعد صيف 2015 أو بداية سنة 2016، وهو عبارة عن فكرة جسدتها بمساعدة الصديق “محند سولالي” مختص في علم النفس لديه اهتمامات وميولات في المجالين الفني والثقافي، ساعدني في اختيار الكلمات وتكفلت بالموسيقى. لا يمكنني حاليا الإفصاح عن محتوى الألبوم، ما يمكن قوله أنه ألبوم عن الجزائر، بالضبط صورة عن الجزائر، كما أحس بها أنا بداخلي. من مشاريعي كذلك القيام بجولة أقدم فيها أعمالا مسرحية في الجزائر والوصول إلى أعماق القرى وتقديم نشاطات فنية في قاعات صغيرة، مع أعداد قليلة من الحضور، لأن هدفي هو الوصول إلى قلوب الجميع والتقرب من رغبات كل فئات المجتمع، وليس فقط الغناء في القاعات الكبيرة. آخر عمل مسرحي قدّمته في الجزائر كان سنة 1984 بمدينة أقبو بعد جولة في كل من تيشي وسيدي عيش وأنا جد متشوّق لهذه المناطق، وأعتبر رجوعي للجزائر هذه المرة بداية للعودة إلى أرض الوطن وحافز لتجسيد مشاريعي المستقبلية بأرض الوطن.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات