+ -

 تصرّف رئاسة الجمهورية مع النفايات السياسية التي تنتهي صلاحياتها في الحكومة، من الوزراء وغير الوزراء... تصرف لا يختلف عن الطريقة التي تعالج بها ولاية الجزائر النفايات المنزلية.منذ سنوات كان مجلس الأمة والبرلمان وحزب جبهة التحرير هي المفرغات الشرعية التي فتحتها الرئاسة لمعالجة نفايات الحكومة، من الوزراء المطرودين من الحكومة، حيث كان مجلس الأمة مثلا، مثل مفرغة وادي السمار، تلقي فيه الرئاسة بالأسماء المستعملة في الحكومة والتي انتهت صلاحيتها في الحكومة... وقد امتلأ مجلس الأمة مثلا كمفرغة سياسية، ويبدو أن الرئيس قد أغلق هذه المفرغة تماما مثلما أغلق والي العاصمة منذ سنوات مفرغة وادي السمار.الآن يبدو أن مفرغة أخرى قد فُتحت في رئاسة الجمهورية، مثلما فُتحت مفرغة أولاد فايت، وبعدها مفرغة مڤطع خيرة، لرمي نفايات الحكومة. فأغلب الوزراء الذين انتهت صلاحيتهم في الحكومة تم إفراغهم في مفرغة الرئاسة السياسية برتب وزير دولة أو مستشار لرئيس الجمهورية !لسنا ندري كيف يفشل وزير في تسيير قطاع من القطاعات فيُرقى إلى وزير دولة لدى الرئيس ومستشاره الخاص في نفس الاختصاص الذي أبعد منه، بحجة عدم الكفاءة في تسيير القطاع.. كيف يحدث هذا ولا يعتبر عبثا؟ !نظرية الرسكلة للمسؤولين المُبعدين من الحكومة في رئاسة الجمهورية، تشبه طريقة رسكلة النفايات غير السياسية في مفرغة مڤطع خيرة وأولاد فايت! ولا أتحدث عن مفرغة وادي السمار، التي أغلقت وتمت عملية ردمها تماما، مثلما تم غلق مفرغة مجلس الأمة منذ سنوات، وقد يراد ردمها في الإصلاحات الدستورية العالقة؟!في الماضي كان الولاة الذين يفشلون في تسيير عمليات “الإسمنت المسلح” في الولايات، تتم عملية تعيينهم في السلك الدبلوماسي... وكان العقداء الذين يفشلون في تسيير الوحدات العسكرية، يُرقون إلى جنرالات ويُحالون على المعاش ويُرسلون إلى السفارات! واليوم الوزير إذا فشل في حفر بئر بترول أو إسكات احتجاج عليه، يُرقى إلى وزير دولة ويُقذف به في مفرغة الإطارات برئاسة الجمهورية، ليشغل منصب مستشار بلا رأي، ولكنه براتب خيالي؟!العبث الحاصل الآن في تسيير الدولة لا يعكسه العبث بالدستور وبقوانين الجمهورية وبالمؤسسات الدستورية للدولة وبالإطارات أيضا، بل العبث الحاصل هو أن الأمر وصل إلى العبث بمبدأ العبث نفسه؟!مثل تسيير الدولة ومؤسساتها من طرف أشخاص لا علاقة لهم بالشرعية وبالدستور وبالقانون وبالمؤسسات.. لذلك أصبحنا نرى العبث بالمؤسسات والقوانين ولا نعرف العابث الفعلي !إنني تعبان فعلا، وأنا في حاجة إلى دفن رأسي في مفرغة من المفرغات.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات