مجالس الإدارة أيضا مسؤولة عن الفساد؟!

مشكلة العدل والعدالة في الجزائر ليست في نوعية القوانين فقط، بل المشكلة أساسا في سوء تطبيقها بالأساس.فمثلا القانون يحدد للمؤسسات العمومية (مثل سوناطراك) مجلسا للإدارة يتكون من طزينة إطارات، يرأسهم الرئيس المدير العام المسيّر... ويتولى مجلس الإدارة الإشراف والمراقبة لتسيير المسيّر... ويوافق ويضع المخططات والبرامج والمشاريع ويتابع تنفيذها... يضبط الحسابات السنوية للمؤسسة ويصادق عليها مع محافظ الحسابات.وفي نفس الوقت يتقاضى أعضاء مجلس الإدارة نظير أتعابهم مبالغ مالية في بعض الأحيان خيالية.. وقد يستفيد أعضاء مجلس الإدارة أيضا من الأرباح التي تحققها الشركات وتوزع على العمال والإطارات في نهاية العام.لكن هؤلاء لا يتحمّلون المسؤولية الجنائية مع المسيّر في حالة تعرض المؤسسة إلى متابعة قضائية فسادية، كما هو الحال في قضية سوناطراك والطريق السيّار... وشركة تسيير مشروع الطريق السيّار الذي عرفت قضية فساد.لماذا يُدان مدير عام سوناطراك ولا يُدان أعضاء مجلس الإدارة الذين شاركوه التسيير في الفترة التي وقع فيها ما وقع من فساد؟! لماذا يُحاسب مدير عام الشركة العامة للامتياز الفلاحي ولا يُحاسب أعضاء مجلس إدارتها الذين سيّروا مع هذا المدير؟!لماذا يُحاسب مديرو دواوين السكن عن وضع أموالهم في الخليفة ولا يحُاسب أعضاء مجالس الإدارة لهذه الدواوين؟!لماذا تُحاسب البنوك العمومية التي وضعت الأموال في الخليفة، وكذلك تُحاسب صناديق الضمان الاجتماعي على الفعل نفسه، ولا يُحاسب أعضاء مجالس إدارة هذه المؤسسات؟ !نعم، العدالة ينبغي أن لا تجرّم فعل التسيير إذا كان مصدره الخطأ.. لأن العدالة نفسها يمكن أن تقع في الخطأ ولا تجرّم، بدليل أن الأحكام الابتدائية يمكن أن تصحّح في الاستئناف ولا يجرّم القاضي، لأن الأمر له علاقة بالخطأ وليس له علاقة بالخطأ المقصود.لكن أيضا لا ينبغي أن يختبئ الفساد المقصود وراء حكاية الخطأ... ونحن يجب علينا أن نطبق ما يطبقه غيرنا في التسيير الاقتصادي ولا نكتشف الماء من جديد... لا نتساهل في قمع الفساد المقصود ولا نظلم الإطارات باسم تجريم أخطاء التسيير.كم كنا سنسعد لو رأينا أعضاء مجلس إدارة سوناطراك يقفون إلى جانب المدير العام المتهم ويتحمّلون مسؤولياتهم معه في نوعية التسيير الذي قاد هذا المدير إلى المحاكة والسجن؟!العدالة كل لا يتجزأ، والإخلال بجزء لا يوفر العدالة الكلية المطلوبة.