+ -

 بينما ترفض وزارة الداخلية استلام ملف حزب علي بن فليس بسبب اشتراطها وثيقة تعهدات فردية عن كل عضو مؤسس، تطلب نفس الوزارة من كريم طابو القيادي المستقيل من الأفافاس، أن يجعل في ملف تأسيس حزبه وثيقة تعهدات جماعية لكل الأعضاء المؤسسين ! والنتيجة أن الحزبين ما يزالان ينتظران الاعتماد من بين ثلاثين ملفا آخر معلقا. فهل الأمر يتعلق بممارسات بيروقراطية لا علاقة لها بالسياسة؟ أم أن السلطة عادت للتضييق على حرية إنشاء الأحزاب؟بعد أن أفرجت السلطة عن أربعين حزبا سياسيا، في إطار الإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في أفريل 2011، تحت ضغوط هزات الربيع العربي، عادت وزارة الداخلية إلى احتجاز ملفات تأسيس أحزاب أخرى، تحت مبررات تبدو في ظاهرها بيروقراطية، إلا أن تكرارها في كافة الملفات يجعل الشكوك تتجه إلى وجود دواع سياسية للرفض، عقب اطمئنان السلطة إلى تجاوز الظرف الحرج الذي كانت تواجهه قبل ثلاث سنوات.وفي وقت يفترض ألا تتجاوز إجراءات تأسيس حزب سياسي مدة أسبوع، ترقد ملفات أحزاب لأكثر من سنتين في أدراج الداخلية، كما هو شأن حزب الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي، لصاحبه كريم طابو، بينما لم ينجح رئيس الحكومة سابقا، علي بن فليس، حتى في إيداع ملف حزبه رغم مرور 6 أشهر على بدء إجراءات التأسيس. ويعترف مدير الحريات العامة والشؤون القانونية بوزارة الداخلية، محمد طالبي، في آخر ندوة صحفية عقدها، بوجود 30 طلبا لتأسيس أحزاب جديدة تنتظر الموافقة عليها، دون ذكر أسباب التأخر المسجل.والمفارقة أن الداخلية اشترطت عند رفض استلام ملف بن فليس، أن تتسلم وثيقة تعهدات فردية عن كل عضو مؤسس، وهي الوثيقة التي يقسم فيها الأعضاء المؤسسون على احترام الدستور وقوانين الجمهورية، بينما ذكر كريم طابو، لدى نزوله ضيفا على “الخبر”، أن الداخلية، في نفس النقطة، اشترطت وثيقة تعهدات جماعية، وهو تناقض يؤكد، وفق طابو، وجود دواع سياسية في تماطل الوزارة، يُرجعها إلى رغبة السلطة في مجاملة حزبه القديم الأفافاس بعد التقارب المسجل بينهما مؤخرا، بينما لا تريد السلطة، في حالة علي بن فليس، منحه الاعتماد نظرا لتوجهه المعارض ضد الرئيس بوتفليقة والسلطة عموما، مثلما يستشف من بيانه الأخير الذي اتهم الداخلية بالتماطل.ويقرأ المحامي والناشط الحقوقي، بوجمعة غشير، موقف الداخلية من اعتماد أحزاب تنتظر التأسيس، باعتباره “جزءا من الثقافة السائدة لدى النظام الذي لا يعترف بالصوت المخالف، خاصة في الأحزاب التي يشتم فيها رائحة المعارضة، كما هو الحال في حزب بن فليس مثلا”. ويعتبر غشير أن “النظام اضطر إلى اعتماد أحزاب ضعيفة سنة 2012 من أجل إرضاء الخارج من جهة واستعمالها كعدد إضافي للأحزاب المؤيدة للسلطة”. وخلص المتحدث نفسه إلى أن “النظام بعد أن أصابه الهلع جراء موجة الربيع العربي، قدم تنازلات في إطار الإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس في 2011، لكنها كانت تنازلات مدروسة”.ويعتقد الرئيس السابق للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان أن “العراقيل البيروقراطية التي تضعها السلطة ليست سوى حجة لخلفيات سياسية في رفض اعتماد الأحزاب”، ذلك أن المفترض في قانون الأحزاب أن “يضع شروطا واضحة لا مجال فيها للاجتهاد أو التأويل”. ويشير غشير إلى أن “العيب يكمن في الممارسات وليس القانون، لأن تأسيس حزب يستغرق قانونيا من أسبوع إلى 3 أشهر، وإذا تم تجاوز هذه المدة يمكن اللجوء إلى العدالة أو يكون الحزب معتمدا بقوة القانون”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: