قصّة يحي عليه السّلام في القرآن

+ -

 إنّ بِشارة سيّدنا زكريا بولادة يحي عليهما السّلام، بعد أن بلغ من الكبر عتيًا، ويأس من نعمة الولد، يقول تعالى: {يَا زَكَرِيَا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} مريم:3، يتوجّه الخطاب القرآني مباشرة إلى يحي عليه السّلام، وذلك قوله سبحانه: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاة وَكَانَ تَقِيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا} مريم:12-15.فأمر سبحانه نبيّه يحيى عليه السّلام بأن يأخذ الكتاب-والمراد التّوراة- بجِدّ واجتهاد، وتفهّم لمعناه على الوجه الصّحيح، وتطبيق ما اشتمل عليه من أحكام وآداب؛ فإنّ بركة العلم في العمل، وإنّ القوّة في العمل.ثمّ يمضي الخبر القرآني بتقرير بعض الصّفات الّتي مَنَّ اللّه بها على نبيّه يحي عليه السّلام، وأوّل هذه الصّفات الممنوحة فهم الكتاب والعمل بأحكامه وهو في سن الصِّبا. روى أبو نعيم وغيره عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّه قال: أُعطي الفهم والعبادة، وهو ابن سبع سنين. وجاء في رواية أخرى عنه أيضًا: قال الغلمان ليحي بن زكريا عليهما السّلام: اذهب بنا نلعب، فقال: أللعب خُلقنا، اذهبوا نُصلّي. فالمراد بـ{الْحُكْمَ} في الآية: العلم النّافع مع العمل به، وذلك عن طريق حفظ التّوراة وفهمها وتطبيق أحكامها.وثاني الصّفات الّتي منحها سبحانه نبيّه يحي عليه السّلام صفة الرّحمة، حيث جعل في قلبه رحمة يعطف بها على غيره، ومنحه أيضًا طهارة في النّفس أبعدته عن ارتكاب ما نهى اللّه عنه، وجعلته سبّاقًا لفعل الخير، فكان مطيعًا للّه في كلّ ما أمره به، وتاركًا لكلّ ما نهاه عنه، وجعله كثير البرّ بوالديه، والإحسان إليهما، وفوق ذلك لم يكن مستكبرًا متعاليًا مغرورًا، ولم يكن صاحب معصية ومخالفة لأمر ربّه.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: