تلجأ العديد من العائلات القسنطينية للأطباق التقليدية الساخنة لمواجهة موجة البرد التي تشهدها المنطقة، في ظل الغلاء “الفاحش” لمختلف الخضر التي تعدى أغلبها 180 دج، حيث أكدت العديد من ربات البيوت أنهن لم يجدن بديلا عن العجائن والأطباق التقليدية التي أساسها دقيق ودهن.أجمع الكثير من أصحاب محلات المواد الغذائية أن الإقبال على استهلاك العجائن تضاعف هذه الأيام مقارنة بفترات سابقة، بعد أن عزف المستهلكون عن شراء بعض الخضر على غرار الكوسة التي وصل ثمنها في أغلب أسواق قسنطينة 200 دينارـ وحتى البطاطا التي كانت تعتبر مادة لا غنى عنها في كل البيوت لم ينزل ثمنها عن مستوى 60 دينارا.اقتربنا من مواطنين في بعض محلات التموين العام فوجدنا أغلبهم قد اشتروا العجائن الصناعية على غرار المحمصة، المقرطفة، الدقيق وغيرها، حيث أفاد الكثير منهم أن “شربة مقرطفة” ساخنة أو “عيش بالقديد” أحسن من أي طبق آخر في هذا البرد، فهي أطباق لذيذة ومغذية وتضفي الدفء على الجسم.ورغم أن الأطفال لا يهوون كثيرا مثل هذه الأطباق، غير أنهم يرضخون في النهاية في غياب المواد الأساسية لتحضير أطباقهم الخفيفة من المقليات واللمجات.بعض السيدات أكدن أنهن يضطررن للجوء إلى الأطباق التقليدية للتخفيف من تأثير الغلاء من جهة، ولفائدتها الغذائية في مثل هذه الظروف المناخية التي تتطلب أغذية تجابه البرد القارص، على غرار “المحجوبة”، “القرصة” أو “الغرايف” التي يفرح بها الصغار، ويتناولونها ساخنة حول الموقد.وحتى مطاعم “فاست فود” لم تستطع منافسة المطاعم الشعبية في هذه الفترة، خاصة تلك التي تقدم البقوليات على غرار اللوبيا والحمص “دوبل زيت”، إلى جانب تلك المختصة في صناعة المحجوبة التي يحج إليها الموظفون من رجال ونساء، خاصة في منتصف النهار، حيث لا يستطيع عمال تلك المطاعم التوفيق في منح الطلبات لكثرتها.وذكرت بعض العجائز اللواتي صادفناهن في محطة المسافرين الشرقية ويقطن في أطراف المدينة ببعض المناطق النائية، أن ظروف معيشتهن في الأرياف تزداد قسوة في فصل الشتاء، غير أنها الفترة الوحيدة من السنة التي يمكنهن فيها استعمال أوانيهن الخشبية والفخارية بكثرة، وذكرت خالتي جميلة من منطقة بني حميدان أنها تستخدم “قصعة” جفنة خشبية لتقديم العيش بالقديد و “الفرماس” لأبنائها وأحفادها، إذ يكون له نكهة مميزة في “قصعة العود”، كما قالت. وأضافت الخالة سلطانة التي كانت تستمع لحديثنا أنها تستخدم أطباقا من الطين لتقديم شتى أنواع الحساء الساخن.ورغم السرعة والتطور الحاصل في شتى الميادين، إلا أن الأطباق التقليدية موروث شعبي لا غنى عنه، فهي ليست فقط أطباقا لملء البطون، بل أطباق للم الشمل العائلي حول مائدة واحدة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات