+ -

 إن الحركية الفكرية التي يعرفها المغرب العربي، وتحديدا الجزائر، تبشر بتسلم مشعل الريادة من المشرق إلى المغرب، فبعد حقبة زمنية ساد فيها الفكر المشرقي على الساحة العربية، وما أنتجه مفكروه، معبرين من خلاله عن الروحانية المشرقية والسمو النفسي، عن طريق التصوف، والغوص في أعماق النفس والروح، وما نتج عن ذلك من إبداعات في الفكر والفن والشعر والأدب، كان الفكر في المغرب العربي تابعا لمثيله في المشرق متأثرا بما ينتجه المشارقة.إلا أن الصحوة العقلية التي عرفها الفكر في المغرب العربي، وتراجع الفكر المشرقي جعل مفكري المغرب العربي يحملون راية الفكر والعقل والتنوير، وتجسد ذلك أكثر فيما أبدعه محمد أركون ومحمد عابد الجابري ومحمد عزيز لحبابي وطه عبد الرحمن وفتحي التريكي ومالك بن نبي، وغيرهم. واليوم نشهد حركية فكرية فلسفية تقودها النخبة في الجزائر من خلال هذا النشاط والإبداع المتميز، حيث ظهر جيل من المفكرين والمبدعين والمؤلفين حملوا راية العقل والتنوير ومضوا قدما نحو التعبير عن إثبات الذات والوجود والهوية، فنجد مؤلفات لمحمد شوقي الزين وعبد الرزاق بلعقروز وعبد العزيز بوالشعير والحاج دواق والبشير ربوح واليمين بن تومي ونورة بوحناش وسمير بلكفيف وموسى معيرش ومحمد جديدي ورشيد دحدوح وعبد الغني بوالسكك، وغيرهم كثير، وكلها مؤلفات تعبّر عن هموم الراهن العربي وتمس مختلف الإشكاليات التي طرحت سواء في الفكر العربي أو الغربي، الحديث والمعاصر، وبالتالي فهي تعبّر بالمقابل عن عودة الوعي والثقة بالعقل للتعبير عن محاولة إيجاد حلول للأزمات التي تمر بها الأمة العربية المعاصرة، والإنسانية بصورة عامة.لقد تراوحت هذه المؤلفات بين التعبير عن عمق الفكر العربي الإسلامي وعن محاولة قراءة للفكر الغربي، الذي سبقنا في معالجة كثير من القضايا التي شغلت فكر الأمة العربية اليوم كالنهضة والحداثة والثورة والعنف، والدين والقداسة والتأويل، والقيم الجديدة، والمواطنة والسياسة، وبالتالي فمنها ما عبر عن جوهر الذات العربية الإسلامية، ومنها ما عبر عن أزمة في الفكر الغربي، سواء في القيم أو في العلم، ولقد تجسد الفعل الثقافي الفلسفي أكثر بميلاد جمعية الفلاسفة، والتي تسمى بالجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، والتي يترأسها الدكتور عمر بوساحة، كما شهدنا فلسفة الفعل الثقافي في الساحة الجزائرية من خلال مشاريع الماجستير والماستر والدكتوراه التي فتحت في الجامعات الجزائرية.إنها فعلا حركية فكرية وفلسفية بدأت في الظهور والنضج، أراد أن يعبر من خلالها أصحابها عن محاولة إيجاد مكان لهم في زمن العولمة والعالمية، من أجل الاهتمام بمشكلات الإنسان المعاصر، ومحاولة حمل مشعل العقل والتنوير، وإدراك هذه الأمة التي بدأت في الانحراف القيمي والأخلاقي والثقافي الحضاري[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات