لقد شاهدت في اليومين الأخيرين ثلاثة مشاهد فتعبت، وحينها فقط أدركت معنى أنا تعبان على حد قولك.المشهد 1: شاهدت، على اليوتوب، الغنوشي وهو يتسلم جائزة مؤسسة ابن رشد للفكر الحر، ثم أدلى بكلمة أمام جمع من المثقفين والكتاب والدبلوماسيين، متحدثا عن الديمقراطية في تونس، ممتدحا إياها بأنها البلد العربي الوحيد الذي يملك هيئة انتخابات منتخبة ومستقلة تماما عن وزارة العدل، وهيئة قضاء عليا منتخبة ومستقلة عن وزارة العدل، ثم اعترف بهزيمة حزبه في البرلمان قائلا إنه سوف ينتقل الآن إلى المعارضة، لا إلى السجن والتعذيب والقتل والنفي، فيا ليت شعري.المشهد 2: شاهدت على قناة تلفزيونية جزائرية نقاشا بين نائب أفالاني والنائب المحترم لخضر بن خلاف، حول مشروع قانون جواز السفر الدبلوماسي ورفع الأجور للنواب، كأنهم استبقوا نظام الفساد والرداءة بطلب إكرامية قبل تمرير الدستور المزعوم.فأنا أنصح القيادة (الراشدة) حتى وإن زادتهم من المال، فلا تعطيهم الجواز الدبلوماسي حتى لا يمثلنا في الخارج مثل هذا الشخص، وهو، والله، لا يصلح لأن يمثل عائلته، وأقول له إن الوزراء كفوا ووفوا برداءتهم في جميع المجالات، فيا ليت شعري.المشهد 3: أما هذا “قال لهم أرقدو”، شاهدت الجامعة الصيفية لحزب الشخصية الوطنية مداني مزراڤ تقام في الجبال “حنين الماضي”، وقال زعيمهم إن تجمعهم مرخص له، فحين تمنع التنسيقية من الاجتماع في الفنادق، فأي عقلانية هذه؟ فيا ليت شعري.والله يا أيتها القيادة الراشدة لسوف تكونون أول من يقع في هذه الحفر بإذن الله.سيد أحمد سيد أحمد - الجزائر الغنوشي استفاد من خيبة الإسلام السياسي في الجزائر وخيبة نظيره في مصر.. وهذا يدل على ذكاء الغنوشي.. ومن لا يستفيد من أخطاء غيره لا يستحق أن يحكم شعبه أو حتى أن يمارس السياسة.ويا ليت بقايا الإسلام السياسي عندنا وبقايا الفلول يستفيدون من تجربة تونس وينجزون لنا توافقا سياسيا يفضي إلى بناء مؤسسات دستورية حقيقية مثل التي تمت بإرادة الشعب في تونس.أما اجتماع الجيش الإسلامي للإنقاذ في معاقله في جبال جيجل، فالأمر ليس غريبا ما دام زعيمه وقائده كتب فصلا من دستور البلاد القادم كشخصية وطنية.ǃ وترخيص السلطة لهذا الاجتماع لا يساوي شيئا أمام تمويل الاجتماع من المال العام بطريقة أو بأخرى.المهم في الأمر هي الرسالة التي أراد منظمو الاجتماع ومن رخص لهم به ومن موله إرسالها للأمة الجزائرية.. ومفادها: إما أن تتخلوا عن فكرة التغيير الديمقراطي وإلا فإن جند الجيش الإسلامي للإنقاذ سيلتحقون بداعش؟ǃوهذه هي نظرية بوتفليقة في الحكم، ومن أقواله سنة 1999.. فإما أن أبقى في الحكم وأحكمكم بمن أتوا بي.. وإما أعيدكم إلى ما قبل 1999 فاختاروا مصيركم بكل ديمقراطية.؟ǃ هذا هو المعنى المرسل إلينا بكل وضوح.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات