رغم أن المبررات التي سيقت حول امتناع الاتحاد الأوروبي عن إيفاد لجنة لمراقبة الانتخابات الرئاسية، كانت تتعلق أساسا بتأخر وصول الدعوة من السلطات الجزائرية، إلا أن الحقيقة غير ذلك. يكشف برلماني أوروبي، كان ضمن بعثة مراقبة الانتخابات خلال تشريعيات 2012، أن السبب الأساسي في “مقاطعة” الاستحقاق الرئاسي الأخير يكمن في “رفض السلطات الجزائرية التجاوب مع مطلب إعلان القائمة الانتخابية” التي تمتنع السلطات الجزائرية عن الكشف عنها إلا في نطاق ضيق.ويذكر البرلماني، الذي ينتمي إلى دولة متوسطية، أنه من دون “الاطلاع على القائمة الانتخابية لا يمكن مراقبة الانتخابات أو التأكد من شفافيتها، لهذا كان هذا المطلب أولوية في توصيات بعثة مراقبة التشريعيات في تقريرها الذي صدر بالمناسبة”. وقال: “لاحظنا تقدما في بعض الإجراءات الخاصة بالعملية الانتخابية، لكن مشكل القائمة الانتخابية يظل مطروحا من قبل أطراف عديدة في الساحة السياسية. نحن قدمنا توصيات للحكومة الجزائرية ونتمنى أن تأخذ بها”.وفي نفس الموضوع، يبرر دبلوماسي يشتغل في مصلحة السياسة الخارجية والأمن لدى مفوضية الاتحاد الأوروبي، عدم إيفاد بعثة لمراقبة الانتخابات الرئاسية، بسببين. الأول تقني ويتعلق، حسبه، بوصول الطلب متأخرا قبل شهر فقط عن الانتخابات الرئاسية، وهو زمن قصير، لأن مهمات من هذا النوع تتطلب تجنيدا واسعا للمشاركين فيها من مختلف المؤسسات الأوروبية، على غرار البرلمان والمفوضية والمجلس، وتخصيص ميزانية في بداية السنة للمهمة.أما السبب الثاني والأهم، حسبه، فهو سياسي بالأساس، لأن الأمور التقنية قد توجد لها الصيغ المناسبة. والسبب السياسي هو “عدم تلقي الاتحاد الأوروبي إجابة صريحة عن مطلب الاطلاع على القائمة الانتخابية. لهذا يعتبر الدبلوماسي أن “الجزائر كما هي سيدة في قراراتها، فإن الدول الأوروبية أيضا سيدة وتستطيع اتخاذ قرارات رافضة في حال لم يتم الاستجابة لشروطها”. ولا يستبعد الدبلوماسي أن “يكون الجدل الذي فجره ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة في وضعه الصحي الحالي عامل تحفظ أيضا لدى عدد من الدول الأوروبية”.ويكشف الدبلوماسي الأوروبي أن هناك انقساما بين الدول الأوروبية الـ28 حول التعامل مع الجزائر، فبينما تجنح الدول المتوسطية، خاصة فرنسا وإسبانيا وإيطاليا ومالطا، إلى تبني مقاربة براغماتية مع الجزائر بسبب المصالح الإستراتيجية الكبرى التي تجمعها بها، تتخذ في الجانب الآخر دول شمال أوربا خاصة الأسكندنافية، كالسويد مثلا، موقفا يميل إلى التعامل مع الجزائر على أساس مواضيع حقوق الإنسان والديمقراطية. لذلك من الصعوبة بمكان على الدول الأوروبية التي تتخذ مواقفها بالإجماع الاستقرار على موقف محدد من الجزائر.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات