180 عملية جراحية بمستشفيات غزة ألغيت بسبب القاذورات

+ -

 تنظر لطفية خالد إلى سلة المهملات الممتلئة في مجمع الشفاء الطبي وهي تسأل الممرضة عن السبب في تراكم القمامة، فيما تفاجأ مريض يأتي إلى قسم غسيل الكلى ثلاث مرات أسبوعيا بوجود أكوام قمامة في أزقة المستشفى وممراتها، متسائلاً: ما الذي يحدث؟ أين عمال النظافة؟”، أجابته المريضة لطفية “من حق عمال النظافة أن يحصلوا على مالهم، ولكن لماذا تترك المستشفيات بلا تنظيف؟ يجب حل المشكلة بسرعة”.مشهد يعبر عن بدء انهيار النظام الصحي في مستشفيات القطاع بعد 4 أيام من توقف شركات النظافة عن العمل، وتراكم المخلفات في كافة أقسامها، الوضع الصحي في غزة “فوق الكارثي وغير محتمل”، هكذا تصرخ وزارة الصحة في غزة. “الخبر” تجولت في أكبر مجمع طبي في القطاع مجمع الشفاء الطبي، فعادت بصورة مؤلمة لحياة لا يرضى بها بشر، غرف العمليات متوقفة بشكل كامل، والعديد من الحالات تنتظر إجراء عمليات جراحية مختلفة، إلا أن عدم جهوزية المكان يحول دون إتمام أي إجراء طبي”.بلا كلل يواصل وكيل وزارة الصحة في غزة يوسف أبو الريش متابعة الوضع المأساوي الذي وصلت إليه مستشفيات القطاع قائلاً لـ“الخبر”: “تواصلنا مع وزير الصحة، ولكن هذه الاتصالات لم تسفر عن شيء، ولم يقدم لنا سوى دعوة شركات النظافة للصبر حتى نهاية الشهر، وهو ما رفضته الشركات”.ولا يتوقف عن الحديث عبر الهاتف للإدلاء عن الأزمة بالمستشفيات لوكالات الأنباء “إن قسم الطوارئ في مستشفى الشفاء مهدد بالتوقف عن العمل بسبب إضراب شركات النظافة، وإن 180 عملية كان مُقررا إجراؤها أمس توقفت، فاتخذنا قراراً بإغلاق العيادات الخارجية في كافة المستشفيات بسبب تراكم القاذورات فيها.ومرة أخرى دق ناقوس مدير عام مجمع الشفاء الطبي د.نصر التتر لـ “الخبر”: “أصيب عدد من المرضى في المجمع بتلوث جروحهم، وستزداد الإصابات وتتحول إلى وفيات، محذراً من أن الآثار الوبائية لتراكم المخلفات قد بدأت بالفعل. وبدت ملامح الغضب على غالبية الـمراجعين والعائدين من الحال الخطر الذي ينتظر حياتهم، وقال أحدهم “جميع أطفالي بحاجة إلى طبيب، أنا قررت المكوث في منزلي خشية الإصابة بأمراض جديدة، كما اضطر بعض المرضى ترك أسرتهم”. المريض عبد الحميد الذي يرقد على سريره في قسم غسيل الكلى يصدح بألم لـ “الخبر”: “الأمر خطير، ومن السهل انتقال الأمراض للغير، لذلك نحن نناشد جميع الجهات المعنية التدخل لعلاج مشكلة عمال النظافة، فهم الجنود المجهولون الذين يخدمون المرضى ويوفرون بيئة صحية آمنة لهم”. وبين أزقة المستشفى الذي غطت كافة أركانه بالقمامة، يجلس بعض الشبان يتجاذبون أطراف الحديث ويقول أحدهم للآخر “لولا جهود المرافقين البسيطة في تنظيف إحدى الغرف، لأصبحت مكانا لتجمع القمامة، لكن عملية التنظيف التي يقوم بها عمال النظافة تكون أفضل لأنهم أصحاب خبرة وتتوفر لديهم مواد التعقيم والتنظيف”.بلهفة لكن دون أمل كبير، يجلس عدد من عمال وعاملات النظافة الذين نفّذوا إضرابًا شاملاً ومفتوحا عن العمل في مستشفيات قطاع غزة الحكومية إلى جانب خيمة اعتصامهم، مطالبين حكومة التوافق بصرف رواتبهم. إحدى العاملات في أكشاك الولادة ترفع لافتة كتب عليها “5 شهور بلا رواتب!”، “كيف سنلبي احتياجات عائلاتنا وأطفالنا وأهلنا، ولا يهون وضع المرضى علينا، ولكن ليس في اليد من حيلة، فقد خضنا إضرابات جزئية وبعثنا رسائل للمسؤولين دون جدوى، مضيفة “نحن على استعداد للعودة إلى العمل ولكن على الأقل يعطونا أملا بصرف الراتب، الوضع أصبح صعبا في المستشفى”.ولم يقف انهيار منظومة العمل الصحي المترنحة إلى هذا الحد، فإن معاناة الكثيرين من مرضى القطاع تتفاقم في ظل اشتداد الحصار وإغلاق معبر رفح، يلخص هذا الجانب المؤلم رئيس قسم الأورام في مستشفى الشفاء خالد ثابت “المرضى في قطاع غزة، وخاصة مرضى الأورام، يعانون من عدة مشاكل، منها عدم توفر علاج إشعاعي في القطاع، ما يضطرنا إلى تحويلهم للعلاج في الخارج”، مبينا أن إمكانية السفر للعلاج شبه مستحيلة في الفترة الحالية بسبب إغلاق معبر رفح، بالإضافة إلى أن السفر عبر معبر “إيرز” فيه صعوبة كبيرة.وعندما خرجتُ من المستشفى حاولتُ أن أظل قائما، إلا أنني فُوجئتُ بجسدي يتهاوى أرضًا رغمًا عني من ثقل ما رأت عيناي من ألم المتألمين، لم يكن الوضع سيئًا كما تصوّرت، فقط كان انعدام لحياة أناس متعبين، كل دقيقة تمر على هذا الوضع غير الصحي تعني قتلهم وإصابتهم بمضاعفات دون تقديم الخدمة لهم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: