“الخاسرون الكبار” أقرب لتأييد السبسي منهم للمرزوقي

+ -

كيف تفسر الصعود الصاروخي للمنصف المرزوقي في الرئاسيات بأكثر من 33 بالمائة من الأصوات، في حين لم يحصل في التشريعيات سوى على أقل من 2 بالمائة من المقاعد؟ لما نرى ترتيب الانتخابات التشريعية في التي جرت في 26 أكتوبر، نجدها تقريبا نفس نتائج الانتخابات الرئاسية، فالأحزاب التي حصلت على صفر (مقعد) في التشريعيات مثل حزب التكتل الذي يقوده مصطفى بن جعفر، الذي كان يرأس المجلس التأسيسي، حصلت على نفس النسبة في الانتخابات الرئاسية، فالرأي العام الانتخابي لا يتغير في 27 يوما، والحلقة المفقودة هي حركة النهضة التي لم تقدم مرشحا عنها في الانتخابات الرئاسية، لكن قواعدها ذهبوا بشكل مكثف جدا نحو التصويت على المنصف المرزوقي الذي استفاد من الكتلة الهامة لأنصار حركة النهضة والمقدرة بنحو مليون صوت.هل ستعلن النهضة دعمها لأحد المرشحين في الدور الثاني أم أنها ستتمسك بالحياد الإيجابي؟ أعتقد أن قيادات حركة النهضة متصارعة في تقييم الوضع، فالغنوشي وأعضاء المكتب السياسي دخلوا في حالة غزل مع نداء تونس، وكذلك السبسي دخل في حالة غزل مع حركة النهضة، فهناك حالة غزل متبادل، وحركة النهضة كانت ترى أنها ستفوز في الانتخابات البرلمانية بالمرتبة الأولى وتدعم السبسي في الرئاسيات، أما الآن (بعدما خسرت التشريعيات) فالنهضة إذا أرادت الدخول في الحكومة المقبلة فعليها دعم السبسي الذي قال إن على النهضة أن تعلن موقفها، ويبدو أن اتفاقية سرية بين السبسي والغنوشي قد عقدت، ولكن قواعد النهضة لا يمكن التحكم فيها، أما إذا ساندت النهضة المرزوقي فلن تشارك في الحكومة.الهمامي حل ثالثا بقرابة 8 بالمائة من الأصوات، فإلى من سينحاز؟ حمة الهمامي زعيم حزب العمال وكذلك منسق الجبهة الشعبية المشكلة من 14 حزبا من اليساريين والقوميين والناصريين، لذلك فالجبهة الشعبية لديها مقاربات متعددة، وأنصارها لن يخضعوا آليا للقيادة، وأعتقد أن الجبهة الشعبية أميل إلى السبسي منها إلى المرزوقي لأنها تتهم حركة النهضة والمرزوقي بالتراخي الأمني، ما أدى إلى اغتيال اثنين من قياداتها، (محمد البراهمي وشكري بلعيد).الهاشمي الحامدي حقق مفاجأة صغيرة عندما تقدم على رجل الأعمال سليم الرياحي، كيف تفسر هذا الصعود (من 1 بالمائة من المقاعد البرلمانية إلى 5 بالمائة من الأصوات في الرئاسيات)؟ الهاشمي الحامدي انهار تماما في الانتخابات البرلمانية، لكنه في الانتخابات الرئاسية استفاد بصفة عالية من أصوات سكان ولاية سيدي بوزيد، فهو أصيل هذه الولاية، لذلك حصل على دعم ولايته وجهته وعشيرته، فهو ابن العرش، وخلال الحملة الانتخابية حصلت مواجهات بالعصي بين أنصار الهاشمي الحامدي ومنصف المرزوقي، ولا يمكن الجزم إن كان أنصار الحامدي سيصوتون لصالح المرزوقي.ماذا بالنسبة لرجل الأعمال سليم الرياحي الذي يوجد بينه وبين السبسي خصومة تاريخية وأخرى سياسية؟ الرياحي أعلن عن قربه من السبسي منه إلى المرزوقي، وتمكن سليم الرياحي من الاعتماد على المال والرياضة، والفرق الرياضية كما الجماعات الصوفية مثل الأحزاب السياسية، لكن سليم الرياحي ليس جنرالا حتى يفرض على أنصاره المرشح الذي يجب أن يصوتوا عليه، ولكن من الممكن أن أسميه “توصيات”.ما هي سيناريوهات تصويت أنصار الخاسرين الكبار في الرئاسيات؟ هناك ثلاثة سيناريوهات، الأول أن لا يصوت أنصار المرشحين الخاسرين لأي مرشح، والثاني أن تتفرق أصواتهم على المرشحين، والثالث أن يصوتوا لصالح مرشح واحد.هل يمكنك أن تحدد لنا معالم الخريطة السياسية في تونس؟ لعب البعد الجهوي دورا معاديا للبرامج للأسف، فقد انغمس الشعب التونسي في انقسام وجداني على حساب البرامج، فالجنوب له ميل للنهضة ولا أقول للمرزوقي، وفي الساحل والشمال هناك ميل للسبسي، ولكن الكثافة السكانية في الشمال أكبر من الجنوب، وما أخشاه على الديمقراطية في تونس أن كلا من حزب نداء تونس والنهضة اختارا النيوليبرالية الموجودة في أمريكا بدل الديمقراطية الاجتماعية المعروفة في أوروبا الغربية والتي تعني دولة الرعاية الاجتماعية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: