الفلاسفة يبحثون عن مكانة لهم في عالم الثقافة

+ -

أوضح الروائي أمين الزاوي، أنه “يشعر وكأن الفلسفة أصبحت متعبة جراء ما تجرّه خلفها من أنظمة فلسفية وأنساق عتيقة، وهي في ذلك تبدو وكأنها منقطعة عن الواقع وعن التجربة الحية. معتبرا أنه “بعد الزمن الذهبي الفلسفي للماركسية والوجودية، أشعر بأننا ندخل مرحلة جديدة شبيهة بمرحلة كانت قد قطعتها الفلسفة في علاقتها بالأدب، وبشكل خاص علاقة الأدب الروائي  بالفلسفة.يعتقد أمين الزاوي، أن الخمسينيات والستينيات والسبعينيات كانت عبارة عن “سنوات الخطاب الإيديولوجي الذي قابله على المستوى الخطاب الأدبي والشعر الحماسي، ورافقته الأغنية السياسية. وأضاف خلال مشاركته في ندوة “الفلسفة وسؤال المستقبل”، التي نظمتها الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، أول أمس بالمكتبة الوطنية الجزائرية بالحامة “لقد دخلنا الألفية الثانية وجاء معها  زمن الفتن الروائية والفتاوى الدينية”. وتساءل الزاوي في مداخلة بعنوان “لقاء الفلسفة والأدب.. من أجل عالم إنساني متناغم”: “أليس الرواية كجنس أدبي، على وجه الخصوص، اليوم، هي مستفزة الفلاسفة، جميع الفلاسفة من فلاسفة اللغة إلى فلاسفة الوجود إلى فلاسفة الفكر السياسي إلى فلاسفة الفكر الديني، من رولان بارت ودريدا وهيلين سيكسوس وإدوارد سعيد وصادق جلال العظم وغيرهم؟”ويعتقد الزاوي، أن الرواية العربية انشغلت بالسياسي أكثر من انشغالها بالفكر الفلسفي، وأنها ابتعدت عن السؤال الفلسفي واهتمت بالإيديولوجي، وهو ما اعتبره مأزقا حقيقيا يعيشه الفكر العربي. موضحا أننا لم نتخط في ثقافتنا العربية عتبة القارئ المنبري والشعري والديني والسياسي، في حين أن القراءة الغربية هي قراءة فلسفية وأدبية. وقال: “إن الرواية هي حضن الفلسفة” وقدّم نموذجا من الأعمال الأدبية على غرار “أولاد حارتنا” لنجيب محفوظ، و”ساق البامبو” للكويتي سعود السنعوسي، حيث طرح من خلالها نجيب محفوظ سؤال اللاهوت وحرية الفرد، بينما طرحت رواية “ساق البامبو” سؤال البحث في حقوق الإنسان والمواطنة، وهي كلها أسئلة فلسفية.ومن جهته، أكد الدكتور عبد القادر بليمان في مداخلة حول “الفلسفة والمواطنة”، أن المأزق الذي أصبحت تعيشه الدولة الوطنية والقائمة على الإكراه واللاأمن يدفعنا للسؤال: ماذا يمكن للفلسفة أن تقدّم؟ موضحا أن الفلسفة لا تستطيع أن تقدم حكومات، بل إن دورها يكمن في استقراء تاريخ الأفكار والمؤسسات وطبيعة الأمة وإن الدولة فقط من تستطيع أن تحلل أشياء أساسية. وأشار بليمان، إلى أن سقوط الأنظمة الشمولية في الدول العربية أدى إلى طرح سؤال الأمة، فظهرت الهويات الدينية والفرعية التي تريد، حسبه، أن تكون بديلة للأمة. مؤكدا أن هذا الأمر يدفع إلى الاستنجاد بالعقل السياسي، الذي يجب أن يكون أساس الدستور الذي يعطي الوحدة للأمة.وفي مداخلة بعنوان “تفكير المستقبل في أفق زمن الثقافي..الهوية السرد والتراث”، تساءل الدكتور اسماعيل مهنانة قائلا: “بأي معنى يمكننا الكلام عن المستقبل في قضايا الفكر؟ وهل يوجد مستقبل متحرر من الماضي يقبل علينا من أفق الفكر العربي مثلا؟ ودعا إلى تفكير المستقبل في أفق الزمن العربي، أي من حيث هو عودة للماضي المحمّل بكل حمولات التراث. وقال: “فالزمن ليس خطاّ مستقيما ينساب من أفق المستقبل ويصب في الماضي، بل هو حركة دائرية من العودة والتكرار وإعادة الإنتاج، ولهذا لن يكون في الزمن الثقافي أي مستقبل إلا بوصفه ماضيّا محمولا على جهة المستقبل”. وأضاف: “لا مناص للأحياء إذا ما أرادوا تأمين عودة سلسة لكلام الموتى، واجتناب هولهم من اجتراح طُرق فنية وسردية ينساق فيها كلام العائدين مستقبلا”. وركّز مهنانة على مسألة الفن عامة والفنون السردية خاصة، واعتبر أن الفن يمتلك هذه القدرة الخلاّقة على استباق الواقع بفتح إمكانات متعددة يمكن أن ينساق داخلها التاريخ.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: