خلف حضور ثلث أعضاء الطاقم الحكومي التجمع الانتخابي الذي نظمَه رجل الأعمال، علي حداد، مساء الخميس الماضي، انطباعا قويا بأن الجهاز التنفيذي يدعم رغبة مالك أكبر مؤسسة للأشغال العمومية في رئاسة أقوى تجمع مالي لأرباب العمل الخواص. فهل أخذ الوزراء العشرة الإذن من مسؤولهم الوزير الأول، حتى يمنحوا مساندتهم السياسية لحداد؟ وهل وافق عبد المالك سلال على هذا التصرف؟يمثل الوزراء العشرة قطاعات لها علاقة بالاستثمار، مع ما يعنيه ذلك من ضخ لأموال كبيرة في مشاريع، والمعروف أن رئيس مؤسسة أشغال الطرق والري والبناء ينجز مشاريع ضخمة في البلاد حاليا، ومرتقب أن يحصل على أخرى في المستقبل.وبحكم الطبيعية القانونية لمنتدى رؤساء المؤسسات، الذي ينتظر أن يتولى حداد رئاسته، فهو منظمة تخضع لقانون الجمعيات رقم 12/06 المؤرخ في 12 جانفي 2012. وبذلك فالمنتدى ليس نقابة خاصة بأرباب العمل، وإنما جمعية يمنع عليه إقامة صلات مع الأحزاب السياسية. وفي القانون المذكور توجد مادة صريحة (12) تقول: “يمنع على أي شخص معنوي أو طبيعي أجنبي عن الجمعية التدخل في سيرها”. ويفهم من “سيرها” هنا، التأثير عليها بأي شكل. وحضور 10 أعضاء من الحكومة في ختام الحملة الانتخابية التي خاضها حداد، يعني التأثير على الناخبين، وهم أعضاء منتدى رؤساء المؤسسات، في اتجاه التصويت على علي حداد. والأصل أن جمعية أرباب العمل، التي تزن 15 مليار دولار، مستقلة عن أجهزة الدولة، فلماذا يتوجه 10 وزراء بسيارات وزاراتهم إلى فندق الأوراسي، محاطين بالحرس الخاص للتفاعل مع حملة انتخابية تعني شخصا يريد قيادة جمعية؟هل يجوز للوزراء تأييد برنامج حداد الانتخابي كما لو كانوا أعضاء في المنتدى؟ وهل حضورهم يقحم الحكومة بالمعنى الذي يفيد بأنها تؤيد حداد؟ الأكيد في تصرف العشرة أنهم خرجوا عن واجب التحفظ الذي يفرضه عليهم المنصب، فالحكومة قانونا تخدم الصالح العام وليس رجال الأعمال، والمادة 85 من الدستور تقول إن الحكومة تسهر على تطبيق التنظيمات والقوانين، لا أن تنخرط في حملات دعائية تخص جمعية. فلو شارك الوزراء بالنقاش في ورشة فتحها المنتدى تخص قطاعاتهم، لكان مفهوما حضورهم.يشار إلى أن الوزراء انتظروا قدوم حداد لمدة ساعتين كاملتين، وتابعوا خطابه الذي دام ساعة ونصف. واللافت أنه لم يسبق أن توافد أعضاء الحكومة بهذه الكثافة على تجمع بغرض الدعاية لرجل أعمال.ومعروف أن علي حداد لا يخفي ولاءه للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فهو من أبرز ممولي حملاته الانتخابية، ومعروف عنه قربه الشديد من شقيق الرئيس وكبير مستشاريه. فهل دعم 10 وزراء، أغلبهم ينتمي لصف المولاة، يفهم بأنه رد للجميل تجاه حداد؟ وهل تصح هذه القراءة: طموح حداد يتعدى حدود قيادة الباترونا الخاصة، إلى الغوص في عالم السياسة واحتمال وصوله إلى منصب كبير في الدولة في المستقبل، هو ما دفع الوزراء إلى أداء دور لجنة مساندة لفائدته. وهل ذلك يعني أن المال أصبح حجر الزاوية في تولية مناصب المسؤولية، بما فيها رئاسة الجمهورية، بعدما كان الجيش هو من يصنع كبار المسؤولين منذ الاستقلال؟ويجهل إن كان الوزراء أبلغوا وزيرهم الأول برغبتهم في التوجه إلى تجمع الأوراسي، بحكم أنه المسؤول المباشر عنهم ولأنهم شاركوا في التظاهرة بصفتهم الرسمية وليس كأشخاص. وإذا تم إبلاغه بذلك، هل شجعهم على الحضور؟
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات