قصّة نوح عليه السّلام في القرآن

38serv

+ -

 تخلّل قصّة نوح عليه السّلام حوار بين نوح وابنه الكافر، ذلك الابن الّذي أصرّ على كفره، وأبى أن يسلك طريق الإيمان والهداية، فكانت عاقبته عاقبة مَن أصَرّ على كفره وشركه، فكان من المغرقين، ولم تنفعه شفاعة أبيه عند اللّه، {قَالَ يَا نُوحٌ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} هود:46.كما ألمحنا بداية، فإنّ قصّة نوح من أكثر القصص الّتي تكرّر ذِكرُها في القرآن الكريم، وما ذلك- فيما نحسب- إلّا لأنّها تحمل العديد من العبر والدروس الّتي يستفيد منها المسلم عمومًا، والدّاعون إلى اللّه على وجه الخصوص، ومن تلك العبر والدروس المستفادة: الصّبر على أداء التّكاليف الّتي كلّفنا اللّه بها، والصّبر على أذى السّفهاء والجهلاء، والصّبر في مواجهة الأعداء، والصّبر على صعاب الحياة كافة. وقد قال بعض العلماء في هذا الصّدد: بعث اللّه نوحًا وهو في سن الأربعين، ومكث يدعو قومه ألف سنة إلّا خمسين عامًا، وعاش بعد غرق قومه ستين سنة، والمقصود بذِكر هذه المدّة الطويلة الّتي قضاها نوح مع قومه تسلية الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم عمّا يُلاقيه من مشاق الدّعوة، وتثبيته على الحقّ المبين.كما أنّ الإنسان العاقل الحكيم هو الّذي يتلقّى شبهات خصمه وأكاذيبه بقلب سليم، وعقل رحب، ثمّ يرد عليها بما يدحضها من قواعدها. إلى جانب الشّجاعة في إبداء الرأي، والغيرة على الحقّ، وإفهام المعترضين على دعوته أنّه سيمضي قدمًا في طريقه، لا يلوي على شيء، ولا يثنيه عن ذلك وعدٌ أو وعيد. وأنّ الإنسان العاقل، والدّاعي الحكيم هو الّذي يسوق لغيره النّصائح والإرشادات بأساليب متنوّعة، تارة عن طريق التّرغيب والتّرهيب، وتارة عن طريق الدّعوة إلى التأمّل والتدبّر في خلق اللّه، وأحيانًا أخرى عن طريق بيان مظاهر نعم اللّه على عباده.بالإضافة إلى العَفاف عمّا في أيدي النّاس، وعدم التطلّع إلى ما في أيديهم من أموال.. والاستخفاف بكلّ ما يملكون من حطام الدّنيا، وإيثار ما عند اللّه على ما عندهم، أرشد إلى كلّ ذلك مصارحة نوح قومه بأنّه لا يريد أجرًا منهم على ما يدعوهم إليه، وأنّ ما يدعوهم إليه فيه صلاحهم في الدّنيا وسعادتهم في الأخرى.وأن العاقبة للمُتّقين المؤمنين، قال تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُون} الشّعراء:119، وأنّ العدوان على الظّالمين، {ثُمَ أغْرَقْنَا بَعْدُ البَاقِينَ} الشُّعراء:120. وأنّ القرابة والنّسب، وكذلك الجاه والمال والسّلطان، لا اعتبار لها في ميزان الشّرع، بل العبرة بداية ونهاية للعَمل الصّالح، وتصحيح العلاقة مع الخالق، وغير ذلك لا يجدي عند اللّه شيئًا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: