شهد أمس نشاطا سياسيا غير مسبوق لوفد من الاتحاد الأوروبي في الجزائر، حيث التقى العديد من الأحزاب السياسية من المعارضة والموالاة، في اجتماعات وصفتها البعثة الأوروبية بالدورية والعادية، لكنها أثارت، على الجانب الجزائري، ردود فعل متباينة بين مرحب بالحوار ومتحفظ عليه.ترأس الوفد الأوروبي برنار سفاج، رئيس قسم “المغرب” بإدارة السياسة الخارجية والأمن لدى مفوضية الاتحاد الأوروبي، مرفوقا بالسفير ماراك سكوليل، رئيس وفد الاتحاد الأوروبي بالجزائر، إلى جانب دريك بويدا، مستشار الوفد، ولويس ميڤال بوينوبادييا، رئيس مكتب الجزائر، وإيلي كلين، مستشار.وبدأ الوفد أول لقاءاته صباحا مع ممثلين عن تنسيقية الانتقال الديمقراطي، مستفسرا حول أربعة مواضيع تتعلق بالوضع السياسي الداخلي في الجزائر. وأوضح طيفور، الأمين الوطني للشؤون السياسية والاقتصادية في حركة مجتمع السلم، أن وفد بعثة الاتحاد الأوروبي طلب تشخيصا عاما للوضع في الجزائر، وقدمت له التنسيقية نسخة من أرضية الانتقال الديمقراطي، باعتبارها تمثل وجهة نظر قطاع هام من المعارضة توحدت على رؤية جامعة للراهن السياسي في الجزائر بعد الانتخابات الرئاسية.واستفسر وفد الاتحاد الأوروبي، في اللقاء الذي تم في مقر البعثة الأوروبية بالأبيار بالعاصمة، عن سبب مقاطعة التنسيقية مشاورات الدستور، فكان الجواب وفق طيفور أن “المشكلة ليست في الدستور ولكن في العفس على الدستور، وافتقاد السلطة للشرعية بفعل التزوير المتكرر لكل الانتخابات”.وسأل وفد المفوضية الأوروبية التنسيقية عن سبب إلحاحها على مطلب اللجنة المستقلة الدائمة للانتخابات، فكان الرد: “أنه لا يمكن بناء مسار ديمقراطي دون هذه اللجنة”. كما طلب وفد المفوضية رأي ممثلي التنسيقية حول مبادرة الأفافاس، فقالوا إن هذه المبادرة “تتبنى خيار الورقة البيضاء، ونحن موقفنا أن الورقة البيضاء قد تم ملؤها في ندوة مزافران، والكرة الآن أصبحت في مرمى السلطة”، وأشاروا إلى أن “مبادرة الأفافاس هي الجزء الثاني في مسار المشاورات”.وقد حضر عن التنسيقية كل من محسن بلعباس، رئيس الأرسيدي، محمد ذويبي، الأمين العام لحركة النهضة، جيلالي سفيان، رئيس حزب جيل جديد، إلى جانب النائب لخضر بن خلاف والمحامي عمار خبابة عن حزب العدالة والتنمية، إضافة إلى فاروق طيفور ممثلا عن حمس. واللافت غياب عبد الرزاق مقري عن اللقاء، وامتناع بن بيتور عن الحضور أو التمثيل في اللقاء. ومعروف أن بن بيتور يرفض دعوات السفارات الأجنبية. ثم يمـّن الوفد الأوروبي شطر مقر التكتل الثاني للمعارضة، قطب التغيير الملتف حول رئيس الحكومة سابقا علي بن فليس. وقال رئيس اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية، نور الدين بحبوح، إن قطب التغيير، في لقائه مع الوفد، أوضح أن الجزائر تعيش “أزمة نظام في الجزائر بسبب حالة شغور في منصب الرئيس”.وسلم قطب التغيير مذكرة للوفد الأوروبي تنص على أن “الأعمال التي يقوم بها الرئيس بوتفليقة من وقت لآخر ليست كافية لدحض فرضية شغور منصبه، بدليل اجتماعات مجلس الوزراء المتوقفة تقريبا، والبرلمان الذي لم يمرر سوى 7 قوانين في السنة”. وأوضحت المذكرة أن “الرئيس بوتفليقة قام بتركيز صلاحيات واسعة في يده تفوق اليوم قدراته”.وقد شارك في هذا اللقاء، إلى جانب علي بن فليس، محمد جهيد يونسي، رئيس حركة الإصلاح الوطني، جمال بن عبد السلام، رئيس جبهة الجزائر الجديدة، الطاهر بن بعيبش، رئيس حزب الفجر الجديد، نور الدين بحبوح، رئيس حزب اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية.وبعد ذلك، عرج الوفد الأوروبي إلى مقر الأفافاس. وجاء في بيان صادر عن الحزب، أن اللقاء تناول شرحا لمبادرة الإجماع الوطني التي يطرحها، ومناقشة لمعايير الهجرة المعتمدة من الاتحاد الأوروبي وتأثيرها على الرعايا الجزائريين، إلى جانب العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتأثيرها على بقية البلدان خاصة الجزائر، بالإضافة إلى سياسة الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالدول المغاربية، بعيدا عن العلاقات الثنائية التي تجمعها بكل بلد، وأيضا تقييم العلاقات الجزائرية مع الاتحاد الأوروبي والبرامج المسطرة في إطارها.واختار الوفد الأوروبي أن ينهي قائمة لقاءاته بزيارة أبرز أحزاب الموالاة. وأبدى أمين عام الأفالان، عمار سعداني، أمام الوفد الأوروبي، جملة من التحفظات، وقال: “ وضعنا النقاط على الحروف، والأعمال التي قام بها الاتحاد الأوروبي في ليبيا وبعض دول المنطقة لا تطمئننا”. وطالب سعداني بأن تكون قائمة اللقاءات التي يجريها وفد الاتحاد الأوروبي في الجزائر معروفة مسبقا لدى الرأي العام. ورفض سعداني تشبيه ما يقوم به الاتحاد الأوروبي بلجنة تحقيق، قائلا في رده على أحد الصحفيين إن “الجزائر مستقلة وضحت بمليون ونصف مليون شهيد وترفض لجان التحقيق”.وحاول رئيس الوفد، برنار سفاج، التقليل من التساؤلات التي صاحبت هذه الزيارات التي بدت مفاجئة، حينما قال واقفا أمام سعداني: إننا “هنا للاستماع فقط”، بينما قال سفير البعثة الأوروبية في الجزائر، مارك سكوليل، إن هذه اللقاءات “تندرج في إطار اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات