+ -

 إنّ العجب ليَأخُذ كلّ دارس لسيرة الرّسول صلّى لله عليه وسلّم في قومه من قولتهم هذه عنه وهم الّذين علموا منه رجاحة العقل حتّى حكموه بينهم في رفع الحجر الأسود قبل النّبوة بأعوام، وهم الّذين لقّبوه بالأمين، وظلّوا يستودعونه أماناتهم حتّى يوم هجرته، بعد عدائهم العنيف له.فقد ثبت أنّ سيّدنا عليًا كرّم الله وجهه تخلّف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أيّامًا في مكّة، ليرد إليهم ودائعهم الّتي كانت عنده، حتّى وهم يحادونه ويعادونه ذلك العداء العنيف. وهم الّذين لم يعرفوا عليه كذبة واحدة قبل البعثة. فلمّا سأل هرقل أبَا سفيان عنه: ”هل كنتم تتّهمونه بالكذب قبل نبوته؟”، قال أبو سفيان وهو عدوّه قبل إسلامه: ”لا”، فقال هرقل: ”ما كان ليذر الكذب على النّاس ويكذب على الله”.إنّ الإنسان ليأخذه العجب أن يبلغ الغيظ بالنّاس إلى الحدّ الّذي يدفع مشركي قريش إلى أن يقولوا هذه المقولة وغيرها عن هذا الإنسان الرّفيع الكريم، المشهور بينهم برجاحة العقل وبالخُلق القويم، ولكن الحقد يُعمي ويُصمّ، والغرض يقذف بالفرية دون تحرّج، وقائلها يعرف قبل كلّ أحد أنّه كذّاب أثيم.والنّاظر في هذه العقيدة كالنّاظر في سيرة رسولها صلّى الله عليه وسلّم يجد العنصر الأخلاقي بارزًا أصيلًا فيها، تقوم عليه أصولها التّشريعية وأصولها التّهذيبية على السّواء، الدّعوة الكُبرى في هذه العقيدة إلى الطّهارة والنّظافة والأمانة والصّدق والعدل والرّحمة والبرّ وحفظ العهد ومطابقة القول للفعل، ومطابقتهما معًا للنّية والضّمير، والنّهي عن الجور والظّلم والخداع والغشّ وأكل أموال النّاس بالباطل والاعتداء على الحرمات والأعراض وإشاعة الفاحشة بأيّة صورة من الصّور.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: