شاهد على كفاح الجزائريين يتحوّل إلى مفرغة عمومية بالبليدة

+ -

وقفت ”الخبر” خلال زيارة قادتها إلى أحد معالم كفاح ومقاومة الشعب الجزائري، وهو مركز تعذيب مركزي بالبليدة وتحديدا بمنطقة بـ”حوش فوتري” في ضواحي العفرون غرب الولاية، والجزائر تحتفل بالذكرى الـ60 لاندلاع ثورة التحرير الوطنية على مدى الإهمال الذي لحق بالمركز، بعد أن تحوّل إلى مفرغة عمومية ومكان لتخزين مياه سقي البساتين، فيما تم تجريد النصب التذكاري المقام في المكان من الراية الوطنية، بعد أن هجرته الأسرة الثورية وتناسته منذ سنتين. كشفت زيارة المركز للعيان، عن فظاعة ووحشية الاستعمار الفرنسي، حيث تم العثور بمحيطه على رفاة نحو 500 شهيد، نفّذ فيهم حكم الإعدام قتلا بالرصاص، كما أبانت حقيقة تقرها الشواهد والواقع المر، حيث تحول المركز إلى مفرغة لرمى الأوساخ والنفايات المنزلية، كما تعرض إلى التخريب نتيجة النسيان والإهمال وتأثره بعوامل الطبيعة والزمن. ويقول ابن شهيد، اعتاد زيارة المعلم الذي قتل فيه والده، أنه في كل مناسبة يزوره يجد وضعه قد زاد تدهورا، مبديا أسفه على وضعية المعلم وشاهد تاريخي هام بمنطقة البليدة، تم إهماله بشكل رسمي ومفضوح، مضيفا أن الإهمال بلغ درجة مبكية ولا توصف، كون النّصب التذكاري الموجود لا يحمل الراية الوطنية ولا أي دليل على أهميته التاريخية. وطالب أبناء شهداء قتلوا بمركز التعذيب ولا يزال الأبناء يجهلون قبور آبائهم، المسؤولين ضرورة الاهتمام بالمعلم التاريخي عن طريق ترميمه، كونه شاهد حي وهام على جرائم الاستعمار، خاصة وأن عدد الذين سقطوا قتلى به ناهز في أرقام أولية الـ 500 شهيد، فيما يقول شهود بأن عددهم أكثر من ذلك، نظرا لعدد المجاهدين الذين قبضوا عليهم، وحجم الأقبية التي كانت تتسع إلى نحو 20 شخصا في القبو الواحد. ويورد بعض الشهود أن المركز كان يتسع لنحو 800 شخص في اليوم الواحد. واعتبر أبناء الشهداء أن مطلبهم شرعي،كون المركز أهم شاهد على بشاعة جرائم الاستعمار، ولا يجب نسيان تلك الوحشية ودموية المستعمر الفرنسي، والرد على بعض الأبواق التي ترى أن فرنسا كانت استعمارا فعلا ولكنه حضاري وإنساني .العثور على رفاة 460 شهيد بضفاف وادي جر القريب من المركزتروي الحاجة عليلي بنت أحد الشهداء، أنه في السنوات الأولى للاستقلال، تم استخراج رفاة 460 شهيد بالتمام، بملابسهم وأغراضهم، بضواحي الوادي القريب من المركز، ليعاد دفنهم في مقبرة الشهداء. وتعود الحاجة بالذاكرة إلى سنوات نشاط المركز، وتقول أن جيش فرنسا حَوَّل ”الحوش”، الذي كان يشتهر بأقبية عملاقة لتخزين الخمر إلى مركز للتعذيب، حيث يأتى بالمجاهدين بعد استنطاقهم في عدة نقاط بالعفرون والبلدية ومناطق أخرى لإخضاعهم إلى عذاب أليم، يلقون في أقبية دائرية أو شبه بيضاوية، عبر فتحات ضيقة لا تتعدى الـ 50 سنتمترا ليس لها أبواب، ويحشرون بأعداد تتجاوز الـ 20 شخصا، ولتلك الأقبية فتحة خارجية عبر رواق طويل، يغلق ويفتح لأوقات فقط، وبعد الانتهاء من التعذيب ينفّذ فيهم حكم الإعدام.تبيّن معلومات أخرى مستقاة، أن الثوار المقبوض عليهم يتعرضون لاستنطاق دموي بمراكز منتشرة عبر تراب البليدة، ثم يؤتى بهم إلى مركز التعذيب بالحوش، ويخضعون لألوان جديدة من العذاب وكانوا في الغالب يقضون يوما أو ساعات فقط للتعذيب، ليتم تنفيذ حكم الإعدام فيهم رميا بالرصاص. كانت الطريقة المنتهجة تتلخص في وضع المجاهدين في تلك الأقبية، ثم تقييدهم بالحديد الموصول بالجدران، وبعد تحويلهم على ما كانوا يسمونه ”بيت الصابون”، يوضع فيه المجاهد في نوع جديد في أحواض مملوءة بالماء، ويتم كهربتهم وإغراقهم فيها، وبعد الانتهاء من التعذيب بتلك الطريقة الوحشية، وفي اليوم الموالي يرافق العسكر السجناء من المجاهدين ويأخذونهم إلى ضفاف الوادي لحفر قبورهم في الصباح، وفي المساء ينفّذ فيهم حكم الإعدام، وكان سكان المحتشد القريب منهم ببني جماعة يسمعون الصراخ وطلقات الرصاص في الليل فيعلمون بإعدام المجاهدين .

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: