+ -

لم يجد العشرات من الباحثين والأساتذة وحتى مواطنين عاديين بمدينة المسيلة، ما يبررون به ما يحدث، عقب إقدام السلطات المحلية بالولاية على إطلاق تسميات على عدد من المؤسسات والمرافق التربوية بمناسبة الاحتفاء بالذكرى الستين للثورة التحريرية، خاصة بعد تعليق اسمي واليين سابقين على واجهة ثانويتين، في وقت ما زالت الكثير من الأسماء لشهداء وأعلام في المنطقة تنتظر التفاتة لتخليد أعمالهم وخدمتهم للوطن والشعب.يتساءل سكان المسيلة عن المعايير التي باتت تستند إليها اللجنة المشرفة على إطلاق التسميات على الشوارع والأحياء وعموم المؤسسات والهياكل التربوية بالولاية، في ظل الفوضى التي باتت تتصدر عمل هذه اللجنة التي لم تعد تشكل مسألة خلافية بين المواطنين بأنها أضحت خاضعة لمقاييس أخرى غير تلك التي تأسست لأجلها قبل تسعينات القرن الماضي، عندما كانت تسير وفق الأهداف المقررة لها، من خلال التركيز على شهداء المنطقة وأعلامها، وإن اقتصر الأمر على البعض من التسميات لشخصيات وطنية أو التي لها امتداد وبعد عربي وإسلامي. وتستنكر العديد من الجمعيات استحواذ السلطات المحلية على أداء هذه اللجنة، من خلال فرض منطقها كل مرة من منطلق “اعتبارات شخصية ليس إلا”. وحسب هؤلاء، فإن إطلاق تسمية واليين تقلّدا منصب والي الولاية بالمسيلة في نهاية السبعينات وحتى بداية الثمانينات من القرن الماضي يعد من قبيل “الضحك على الذقون” ويطرح ألف سؤال حول إسهامات هذين المسؤولين أو أهميتهما التاريخية، وأن إطلاق اسم “الغازي” أو “ نور الدين صحراوي” على ثانويتين بعاصمة الولاية، من شأنه وضع المسؤولين في دائرة الحرج باعتبار أن السيرة الذاتية لهؤلاء لا تشير إلى أنهما تركا بصمة في واقع التنمية بالولاية خلال تقلدهما منصب المسؤولية في تلك الفترة، بالإضافة إلى ما قد ينجرّ عن هذا التصرف من إلغاء لمسارات التاريخ وصانعيه وترسيخ أسماء قد يصعب بعد ذلك إقناع التلاميذ بمسار أناس مجهولين لا مبرر لتخليدهم سوى لأن إرادة الوالي شاءت ذلك.كما أرجع مهتمون بهذا الواقع أسباب فوضى التسميات التي تشهدها مدينة المسيلة وغيرها من المدن عبر الوطن، إلى طغيان المزاجية لدى بعض المسؤولين، إذ سبق وأن أطلق وال سابق اسم صديق مقرب من عمه على إحدى الساحات بعاصمة الولاية، كما استغل أحد المواطنين فترة تواجده كنائب في البرلمان لتخليد اسم والده على واجهة إحدى المؤسسات التربوية، علما بأن هذا الأخير يشهد له بالعلم وكان قاضيا وإماما وصاحب يد بيضاء على المنطقة، ولو لم يصل ابنه لتلك المرتبة لكان والده نسيا منسيا. وتعيش العشرات من الأسماء لشهداء وأعلام في دائرة الإقصاء إلى اليوم، في وقت تحول فيه هذا الواقع يؤكد العديد من المختصين والأساتذة والعارفين بالمنطقة وأعلامها وشهدائها، إلى عبارة عن جوائز وتكريمات على المقاس بدليل بروز أسماء لمجاهدين متوفين حديثا، في حين تظل أسماء كالعلامة الشيخ الديلمي المدعو “الزقود” أمين سر الشيخ عبد الحميد بن باديس ومربي الأجيال خارج دائرة الاهتمام، رغم مناشدات تلامذته وذويه من أجل إطلاق اسمه على بوابة إحدى المدارس. وتستهجن العديد من الفعاليات سطوة الأرقام على الكثير من أحياء الولاية، على غرار تسمية  أحياء  بـ700، 924، 295 مسكن وغيرها، مع وجود عشرات الأسماء تنتظر التخليد، واقع برأي هؤلاء يطرح الكثير من الأسئلة أيضا حول أسباب إطلاق اسمي شهيدين على ملعب واحد، واستيراد أسماء شهداء من لم يتم تخليدهم حتى في مناطقهم، مما قد يطرح  مشكلة أخرى تتمثل في كيفية تلقين الأجيال الجديدة لسير أشخاص مجهولين، .

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: