الهجرة النّبويّة.. دلالات وآفاق

+ -

لقد نادى سيّدنا محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منذ بدء الدّعوة بالتّوحيد الخالص والعبودية لله ربّ العالمين ونبذ كلّ الأوثان والأصنام، ودعَا بتسفيه مَن يكدّسون الأموال ويأكلون أموال اليتامى والمساكين ظُلمًا وعُدوانًا ويُمارسون الرِّبا ويحتكرون مواد المعيشة، ودعا إلى المعاملة الطيّبة بين النّاس والوفاء ونبذ الفجور والفسوق والعصيان، ودعَا إلى صلة الرّحم والتحلّي بالأخلاق الفاضلة..فوجدت زعامة قريش في مضامين هذه الدّعوة شبح انتفاضة اجتماعية وفكرية إذا هي انتصرت ستقضي أوّلًا على المكانة الدّينية الوثنية للكعبة من حيث هي جاذب استقطاب تجاري أساسًا في داخل الجزيرة وخارجها. فإنّ الصّفة الدّينية للكعبة مرتبطة عضويًا بصفتها التّجارية وستقضي ثانيًا على امتيازات الزّعامة القرشية بما هي امتيازات اقتصادية وسياسية جوهريًا.إذ كانت الآيات القرآنية هي اللّسان الناطق باسم الدّعوة، وإذ كانت ببيانها الفني بالغة ذروة المستويات البيانية الّتي كان القوم يتذوّقونها يومئذ بنوع من الحسّ الجمالي الأدبي المتطوّر تطوّرًا عاليًا بالنسبة لتلك المرحلة، كان طبيعيًا، لذلك أن يجتذب هذا البيان الأرفع أحاسيسهم الجمالية بروعة أسلوبه وحلاوة نسيجه الفنّي ودقّة إشاراته إلى قصص الأقدمين وشرائعهم وإلى تقاليد الجاهلية وعاداتها ونظم حياتها. فقالوا حينًا بأنّه “شاعر” وحينًا بأنّه “ساحر”، وبالغ بعضهم في تشويه أمره فقالوا “مجنون”، والحقّ جلّ عُلاه ينفي عن نبيّه الكريم هذه الفرية الشّنيعة بقوله: {ن * وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} القلم:1-4.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: