+ -

تعرض فيلم ”الوهراني” للمخرج إلياس سالم أول أمس أثناء عرضه بوهران، لحملة مقاطعة من قبل بعض الحضور، بحجة أن فيه كلمات تخدش الحياء، وأتساءل اليوم وأنا من الذين يدافعون عن الأخلاق كما يدافعون عن حرية الفن.. كيف نقبل أن نسمع العجب من الكلام المشين يتبادله الناس في الشارع وبأصوات مرتفعة، كبيرهم وصغيرهم، بل حتى المساس بالذات الإلهية أحيانا، ولا أحد يعترض ويطلب أن يحترموا على الأقل المارة الذين لا ذنب لهم إلا أنهم مَرّوا من ذلك المكان.. ترى فتيات يتعرضن لكل أنواع الشتائم والسب، لا أحد يدافع عن ”حُرمة” هذه المرأة التي قد تكون أخته أو ابنته أو أمه في مكان آخر، وفي نفس الموقف ويقول لهم ”عيب عليكم”.. فكيف تقاطع عائلات فيلما تعرف مسبقا أنه فيلما سينمائي خيالي وتتوقع أي شيء فيه، لأن الأفلام السينمائية ليست دروس تربية أو مواعظ دين يا جماعة.. وبما أن هناك من لا يعجبه ذلك فعليه أن يختار النوعية التي يبحث عنها.. لكن لا أن يفرض منطقه.. السينما تنقل حقيقة مجتمعكم المريض العاجز عن الحفاظ على أخلاقه، ولا تصور المجتمع المثالي الذي يجب أن يكون، من خلال الاعتراف أولا بأننا مجتمع مريض ومنافق ومنفصم، وعلينا أن نبدأ بالعلاج عن طريق قول الحقيقة أولا.. أما من يدافع عن صورة المجاهد والثورة، فأعتقد أن ذكرى الشهداء والمجاهدين المخلصين قد تم تشويهها من خلال حقيقة ما تعرفه الجزائر التي حلموا بها من تدهور في كل المجالات، ولا داعي للمساومة وركب موجة الوطنية، فإلياس سالم أو غيره ليسوا أقل وطنية منكم.. فقط هؤلاء من جيل الاستقلال وينظرون إلى الواقع من وجهة نظرهم.. اتركوا الفن لأهله.. ودافعوا عن الأخلاق في بيوتكم وشوارعكم وفي كل مكان، يومها ستكون السينما مختلفة لأنها نتاج هذا المجتمع الراقي الذي صنعتموه أنتم بأفعالكم، لا بأقوالكم..

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات