38serv
انتقل الملف الذي أثارته “الخبر” بشأن قضية الإشهار والضغوط الممارسة من قبل وزير الاتصال على بعض كبار المعلنين الخواص لمنع منح إشهارهم للصحف المنتقدة للسلطة، إلى مستويات أخرى، حيث دعت حركة مجتمع السلم إلى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لكشف ما يجري حول الملف وطريقة تسيير الإشهار العمومي والمؤسساتي من قبل وكالة النشر والإشهار، فيما اشتكت مؤسسات عمومية ووزارات للوزير الأول تأخرا كبيرا تعرفه الصفقات العمومية، لأنّها تنشر في جرائد لا تخرج من المطابع وأخرى توزع على نطاق ضيق، وهو ما يؤثر على برامج التنمية برمتها في البلاد. ومن الناحية الحقوقية، لم تكتف منظمات حقوق الإنسان بإدانة سلوك السلطة في التضييق على الصحف، بل اعتبر عضو المكتب التنفيذي لشبكة الديمقراطيين العرب المحامي بوجمعة غشير، ما أقدم عليه حميد ڤرين بمثابة جريمة تخضع لقانون العقوبا ، ويرى أن “النيابة العامة مدعوة لتحريك الدعوى ضد وزير الاتصال”، ما يعني أن السلطة مجبرة على إخراج هذا الملف من السرية للعلن.مكتب المجلس الشعبي الوطني أمام مسؤولياتهتأييد واسع لإنشاء لجنة تحقيق برلمانية حول سوق الإشهارفيلالي غويني:نعمل في تكتل الجزائر الخضراء لتحضير طلب إنشاء لجنة تحقيق لخضر بن خلاف:نؤيــد إضفــــاء الشفــافية على ســــــــوق الإشهــــارشافع بوعيش:الأفـــافاس مع لجنة تحقيق في كل الممــــارسات بقطـــاع الإعــــلام محمد قيجي:الحكومة تضع أدوات لتنظيم سوق الإشهار، فلنعطها الفرصة بدأت المجموعة البرلمانية لتكتل الجزائر الخضراء الإعداد لمقترح إنشاء لجنة تحقيق لإلقاء الضوء على سوق الإشهار في الجزائر، وتسيير “الصندوق الأسود” الذي تديره السلطة بعيدا عن قواعد السوق، وينشط عبر واجهة الوكالة الوطنية للنشر والإشهار.قال فيلالي غويني رئيس المجموعة البرلمانية لتكتل الجزائر الخضراء في تصريح لـ “الخبر” أمس، إن المجموعة تعتزم إيداع طلب إنشاء لجنة تحقيق برلمانية حول سوق الإشهار، لافتا إلى أن ما صدر عن رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري الجمعة الماضي بهذا الخصوص، توجيه ستأخذ به الكتلة. وأعلن عن مسعى تجاه المجموعات البرلمانية لتنسيق الموقف من هذا الملف، رغم شكوكه في وجود مقاومة من مكتب المجلس الذي أحبط كل محاولات إنشاء لجان التحقيق البرلمانية المقترحة من قبل النواب.وفي هذا الخصوص، أعلن رئيس المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية لخضر بن خلاف، تأييده لإنشاء لجنة تحقيق برلمانية، باعتبارها آلية من آليات الرقابة، وقال “نحن مع إنشاء لجان تحقيق في أحداث غرداية، وقطاع الإعلام، وإقامة نقاش حول الوضع العام في البلد والتهديدات على الحدود”، وتابع “من الضروري إضفاء شفافية على سوق الإشهار في الجزائر، لأن السلطة تديره في ظل غموض كبير، وتوظف الإشهار العمومي لشراء ذمم الناشرين والإثراء غير المشروع لكثير من المتدخلين في هذا السوق”.وقال شافع بوعيش رئيس المجموعة البرلمانية لجبهة القوى الاشتراكية، إن الكتلة تؤيد إنشاء لجان تحقيق برلمانية وبادرت بذلك، غير أنه تحفظ على تخصص لجنة التحقيق المقترحة في سوق الإشهار، ودعا لأن تشمل كل الممارسات الجارية في قطاع الإعلام، ومنها كيفيات منح تراخيص إصدار النشريات، والوضعية المهنية للصحفيين. وأضاف “لا أحد يعرف كيف تتم منح رخص النشر أو أسباب الرفض”، مؤكدا الحاجة لمساندة الأسرة الإعلامية لإنشاء اللجنة، غير أنه لاحظ بأن الصحفيين الجزائريين “يفتقدون حاليا للتجنيد للدفاع عن قضاياهم ومصالحهم”.ويتوقع المتحدث أن يتحفظ مكتب المجلس الشعبي على مثل هذا المقترح، فالهيئة التي تضم تركيبة مساندة حتى النخاع للحكومة، لن تبادر بإنشاء لجنة تحقيق والنبش في أحد أهم مصادر الريع في الجزائر وإغضاب السلطة بهذا الخصوص. حيث تم توزيع ما لا يقل عن 1450 مليار سنتيم خلال سنة 2012 من أموال الإشهار المؤسساتي لصحف تحول مباشرة كورق مقوي أو لتغليف المواد الغذائية والخضار.وفي هذا الصدد، قال رئيس المجموعة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي محمد قيجي، إن الحكومة بصدد وضع أدوات لتنظيم الإشهار، ويجب أن تمنح فرصة لذلك، وأبرز قيجي الذي شغل عضوية لجنة تحقيق برلمانية حول أحداث جانفي 2011، أن الحكومة بصدد تجهيز قانون للإشهار ينتظر أن يقدم للبرلمان قريبا.وقالت مصادر من المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني، إنه لا حاجة لإنشاء لجنة تحقيق برلمانية، لأن القضية ليست مستعجلة، كما أن الشكاوى لم تصدر إلا من عدد قليل من الصحف، معترفا “الجميع ينال حصته من الكعكة راضين بالقسمة”.وقد أحبط مكتب المجلس الشعبي الوطني كل المبادرات التي اقترحتها المعارضة لإنشاء لجان تحقيق برلمانية، ومنها تلك التي طرحتها المجموعة البرلمانية للأفافاس حول أحداث غرداية.وزير الاتصال يحاول مخادعة الرأي العام “الخبر” لم تطالب بالإشهار العمومي ولكن بتحريره وزراء ومديرو شركات عمومية يشتكون تأخر الصفقات العمومية بسبب نشرها في جرائد لا توزع “مجال الإشهار أصبح عشوائيا ولا يخضع لأي قواعد مهنية أو علمية، فقد أصبح اليوم بإمكان أي شخص يمتلك سجلا تجاريا فتح وكالة اتصال حتى ولو لم تكن له أي علاقة بمجال الإشهار”، هذا الكلام لوزير الاتصال حميد ڤرين، قاله لدى نزوله ضيفا على برنامج “حوار الساعة” للتلفزيون الجزائري الثلاثاء الماضي، ويحمل معنى واحدا هو أن الوزير يحاول إخضاع إشهار المعلنين الخواص، وبالخصوص الكبار، إلى منح إشهارهم وفق هوى السلطة وليس وفق قانون ينهي الفوضى، مثلما هو حال الإشهار العمومي والمؤسساتي.ذكر حميد ڤرين ضمن نفس الفضاء التلفزيوني “إنّني كوزير أطبق سياسة واضحة ترتكز على أخلاقيات المهنة، ومن المستحيل أن تقوم المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار التي تسير بأموال الدولة بمساعدة صحف تعتمد على الشتم والقذف، والمعيار الأخلاقي يسبق هنا المعيار التجاري”، وطبعا هذا الكلام موجه بالدرجة الأولى والأخيرة إلى يومية “الخبر” بحكم أنّها محرومة من الإشهار العمومي والمؤسساتي منذ 16 سنة.وعبارة “الشتم والقذف” التي يحاول وزير الاتصال مخادعة الرأي العام بها واستخدامها كحجّة لتبرير عدم منح الإشهار العمومي ليومية “الخبر”، لا تجد تفسيرا منطقيا لها على أرض الواقع، فالأخبار التي تعرّي تهاون المسؤولين كبيرهم وصغيرهم وتنقل أصوات المستضعفين والحقائق دون تزييف، تحولت في نظر وزير الاتصال إلى “عمل غير أخلاقي”، أما استدعاؤه وابتزازه المعلنين الخواص الكبار لمنع إشهارهم عن “الخبر” فهو عمل أخلاقي ربّما يستحق بشأنه الوزير وسام شرف من الدرجة الرفيعة!ويعطي ڤرين انطباعا في تصريحاته هدفها الوحيد مخادعة الرأي العام بخصوص “ملف الإشهار”، بأن صحيفة “الخبر” تضغط بهدف الحصول على الإشهار العمومي والمؤسساتي الذي تحتكره المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار ليس بنص قانوني وإنّما بـ “تعليمات فوقية”، في صورة تشبه المثل الشائع “كذب كذبة وصدّقها”، وبالتالي يضع نفسه في موقف الذي يبرر موقفه عن حكاية اختلقها بنفسه ويصدقها هو فقط.ونُعلم وزير الاتصال، وإن كانت معلومة يعرفها جيدا وقبله الرأي العام الوطني وحتى الدولي، بأن صحيفة “الخبر” لم تطلب من الدولة منحها الإشهار بدليل أنها محرومة منه منذ ما يزيد عن 16 سنة (منذ 1998)، كما لم تطالب بإعادة توزيع الإشهار العمومي الذي تحتكره السلطة وتوزعه تحت الطاولة، وإنما دعت “الخبر” إلى تطبيق فعلي لمعايير المنافسة، بعدم الضغط على المعلنين وفرض عليهم منح إعلاناتهم لصحف لا تخرج من المطبعة ولا وجود لها في السوق. ونزيد بأن “الخبر” على عكس ما “يتخيّله” الوزير، نادت بضرورة وضح حد للفوضى في سوق الإشهار عبر بعث قانونه المجمد منذ سنة 99، والذي جعل شروط الجودة وعدد السحب والاحترافية والمهنية معايير أساسية في توزيع الإشهار.وعلى ضوء هذه المعطيات، أشار وزير الاتصال في تصريح صحفي إلى أن “دور وزارته يتمثل في الرقابة، في حين أن مسألة توزيع حصص الإشهار هي من صلاحيات المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار التي تعد شركة عمومية مستقلة، وحتى هذه المؤسسة للإشهار تقتصر مهمتها على تنظيم توزيع الإشهار، بحيث يبقى المعني الأول بهذه المسألة هو صاحب الإعلان نفسه الذي بيده خيار تعيين العناوين التي يخصها بإشهار منتوجه”.لكن هذا الكلام ليس صحيحا لعدة أسباب:أولا: وزير الاتصال يتحدث عن منع الإشهار لأسباب تتعلق بعدم احترام أخلاقيات المهنة فقط وفقا لتصوره، لكنه يتجاهل معايير السحب والجودة، إلا إذا كان يعتبرها منافية لأخلاقيات المهنة.ثانيا: منشور على الموقع الإلكتروني للمؤسسة الوطنية للنشر والإشهار، بأن خدمتها الأولى هي وضع تصورات وتسيير إشهار المعلنين الكبار والمناسبات الكبيرة، يعني للخواص والعموميين، فلماذا يعزف المعلنون الخواص الكبار عن إعلان إشهارهم عبر هذه المؤسسة؟ثالثا: من هذا المنطلق يرتكز كلام ڤرين عندما يقول “إن مجال الإشهار أصبح عشوائيا ولا يخضع لأي قواعد مهنية أو علمية، فقد أصبح اليوم بإمكان أي شخص يمتلك سجلا تجاريا فتح وكالة اتصال حتى ولو لم تكن له أي علاقة بمجال الإشهار”، بمعنى أن الأوان قد حان للضغط على المعلنين الخواص للمرور على المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار، وبالتالي حديثه عن استقلالية المؤسسة يصبح “كلاما فارغا”.رابعا: يصعب تصديق وزير الاتصال عندما يتحدث عن استقلالية المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار، والمعني الأول بهذه المسألة هو صاحب الإعلان نفسه الذي بيده خيار تعيين العناوين التي يخصها بإشهار منتوجه، حيث أفادت مصادر موثوقة لـ “الخبر” بأن الكثير من المؤسسات العمومية والوزارات اشتكت للوزير الأول عبد المالك سلال، التأخر الكبير الذي تعرفه الصفقات العمومية، لأنّها تُنشر في جرائد لا تخرج من المطابع وأخرى توزع على نطاق ضيق في العاصمة فقط، يستحيل الاطلاع عليها لجذب المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين، وخصوصا المستثمرين الأجانب.غشير يعتبر ما أقدم عليه ڤرين “جريمة تخضع لقانون العقوبات” “النيابة العامة مدعوة لتحريك الدعوى ضد وزير الاتصال” أوضح بوجمعة غشير عضو المكتب التنفيذي لشبكة الديمقراطيين العرب، أن “سعي وزير الاتصال لدى الشركات الخاصة والأجنبية لدعوتها إلى التوقف عن منح الإشهار لبعض العناوين الصحفية بمثابة جريمة تخضع لقانون العقوبات، لأنه مس بقاعدة أساسية في اقتصاد السوق وتتعلق بالمنافسة”.وأوضح الحقوقي غشير في تصريح لـ “الخبر” أمس “لو أننا في دولة القانون، فوزير الاتصال يحال مباشرة على القضاء، لأنه مس بقاعدة أساسية في اقتصاد السوق”، وتابع “يفترض على النيابة العامة وبدعوة من وزير العدل أن تتحرك لإحالة الوزير المعني على العدالة”.وقال غشير إن مطلب إنشاء لجنة برلمانية جيد، لكني أتمنى، إن تشكلت اللجنة البرلمانية، أن تقوم بمهامها على أكمل وجه من خلال نشر تقريرها للرأي العام حتى يعرف من يستفيد حقيقة من الإشهار والمبالغ المحصل عليها منه”، لكن المتحدث يقول “لا أعتقد أن مكتب المجلس الشعبي الوطني سيوافق على تشكل لجنة التحقيق وهو الواقع تحت هيمنة حزبين أساسيين لدى النظام، وهما المستفيدان من الوضع”، وتابع “من الصعب الموافقة على تشكيل اللجنة، لكن الصحافة مدعوة للاستمرار في طرح الإشكال”، وتمنى أن يرفع الناشرون دعوى قضائية ضد الوزير باعتبار المادة الثانية من قانون الإجراءات الجزائية “يحق لمن وقع له ضرر مباشر..”، وباعتبار أن الصحف التي كانت معنية بتعليمات يكون الوزير قدمها للمعلنين الخواص، تضررت جراء هذا التصرف، فإن لها الحق في تحريك الدعوى في حال عدم تحريكها تلقائيا من قبل النيابة العامة.واعتبر المتحدث أن “استدعاء الوزير المعني مسؤولي بعض المؤسسات من أجل الدفع بهم إلى مقاطعة بعض الصحف عن طريق منع الإشهار، دليل على ضغط تمارسه السلطة على الصحف المستقلة”، وقال “الإشهار بمثابة رافد من روافد تدعيم الصحافة وتطورها، والمطلوب أن يستعمل استعمالا حسنا وبصورة حيادية وأساليب موضوعية، تراعى فيها رغبة الشركات في الترويج لمنتجاتها في الصحف الأكثر سحبا والأوسع قراءة، لكن ما نراه هو أن هناك شركة تتمسك باحتكار الإشهار وتوزيعه، وهذا التوزيع لا يتم على أسس موضوعية، وإنما على أساس الولاء، وبأساليب ملتوية، تمنح خلالها الإشهار للصحف التي تفتقد للانتشار ولا تسحب إلا القليل، وتعود إليها أكثر من 60% من المرتجعات، وبالمقابل تُقصى الصحف الواسعة الانتشار من الإشهار لأسباب تتعلق بخطها الافتتاحي، كما قال غشير “وزير الاتصال لم يكتف فقط بمحاولة احتكار الإشهار وتوزيعه عن طريق الولاء، ولكن سعى لدعوة الشركات الخاصة وغير الجزائرية إلى قطع الإشهار عن صحف معينة، وهذه جريمة”. ويعتقد غشير أن مرحلة المس بالصحافة كانت متوقعة من قبل، وأفاد بأن “كل مراحل توطيد الحكم تم تجريبها لضمان عدم الإزعاج وتلميع صورة النظام من قبل وسائل الإعلام الرسمية وشبيهاتها، في مقابل التضييق على الصحافة الحرة”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات