لم تستفق عائلة الأستاذ “ي. هني” (45 سنة) المنتحر داخل مركز التكوين المهني والتمهين ببلدية أم الدروع بالشلف من صدمتها التي لم تكن تخطر على بال أي أحد من أفراد العائلة، بالنظر إلى ما كان يتصف به الضحية من استقامة وأخلاق رفيعة وحسن تعامله مع الجميع، حيث نفى كل الذين تحدثنا إليهم فرضية معاناته من مشاكل نفسية أو اجتماعية لكونه يعيش حياة طبيعية، وتوجهت شكوكهم إلى العلاقة المتوترة للضحية مع مسؤولين في إدارة مركز التكوين الذي شهد هذه الحادثة المفجعة للجميع.
ترك الأستاذ هني الذي قام بإشعال النار في جسده عدة استفهامات وسط المقرّبين منه حول الدوافع الحقيقية التي جعلته يقدم على هذا الفعل، غير أن محققي مصالح الأمن الذين استجوبوا الضحية بالمستشفى قد يكون لديهم تفسير لما حدث، لكن لا أحد يعلم فحوى تصريحات الضحية الذي بقي في المستشفى يومين في حالة وعي، قبل أن تصيبه أزمة قلبية نتيجة تأثير الحروق البليغة التي أصابت كامل جسمه ما عدا الوجه، حسب تصريح لشقيقه الذي التقته “الخبر” في بيت الضحية بمنطقة الشروقات ببلدية أم الدروع، حيث أكد أن شقيقه شخص متزن واجتماعي ولا يعاني من أي مشاكل مادية أو نفسية، بدليل أنه يقوم بإنجاز منزله الجديد ويملك سيارة ويقيم مع عائلته المتكونة من زوجته التي أنجبت له أربعة أطفال، أكبرهم بنت في الثالثة عشر من عمرها، وأصغرهم رضيعة لم يتجاوز عمرها 6 أشهر، وبينهما ولدان. ورغم المصيبة التي ألمّت بها، إلا أن زوجة الضحية طلبت التحدث إلى “الخبر”، وكشفت عن مواجهة زوجها لمشاكل في عمله، وقالت إنه يوم الحادثة استفاق كعادته صباحا وتناول قهوته وأخذ أبناءه وبعض أطفال جيرانه إلى المدرسة على متن سيارته، دون أن تظهر عليه أي علامات للقلق، وبعد ساعتين تقريبا وصلهتا الفاجعة، حيث تنقل أفراد العائلة ومعارفه إلى المستشفى للاطمئنان عليه، ووجدوه في وضع يؤمل منه الشفاء، غير أن الأمور انقلبت رأسا على عقب بعد إصابته بسكتة قلبية مفاجئة، نتيجة نقص بعض الإفرازات الحيوية في جسمه بفعل التلف الذي أصاب الجلد والعروق معا. وأضافت زوجة الضحية بأن الفقيد كان يعيش حياته الاجتماعية بصفة طبيعية، غير أنه واجه صدمة كبيرة في عمله جعلته يقدم على فعلته، وقالت إنه ظهر عليه القلق خلال الأيام الأخيرة التي سبقت حادثة الانتحار، خاصة أنه كان كتوما ولا يبوح بمشاكل عمله في البيت، لكن اكتشفت، من خلال حديثه عبر هاتفه النقال مع متصليه أو ما احتوته كتاباته على جهازه المحمول، أنه كان يواجه عدة مشاكل على مستوى عمله. وأكدت أن زوجها مجتهد في عمله ومنضبط، حتى أن تلامذته من المتربصين بكوا كثيرا عند تشييع جنازته نظرا لمعاملته الطيبة لهم وحرصه على أداء وظيفته التكوينية، حيث كان يساهم بماله الخاص في توفير بعض النقائص لإتمام دروسه التطبيقية في مجال الميكانيك. وشددت على أنها لا تتهم أي جهة، لكن تنتظر من العدالة والسلطات الوصية أن تنصف أبناء الضحية، لتمكينهم من مصدر عيش والدهم المغدور لحفظ كرامتهم ومساعدتهم على مواجهة متطلبات الحياة مستقبلا. وفي المقابل نفى مصدر من إدارة قطاع التكوين وجود أي مشكل مهني للضحية الذي كان يستفيد من الزيادة في راتبه ورتبته، على غرار بقية موظفي القطاع.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات