لاحظ الخبير وأستاذ الاقتصاد بجامعة الجزائر عية عبد الرحمن تناقض مساري انضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة والاستغلال المكثف للغاز الصخري، حيث لا يمكن ضمان تقاطع مسارين لا يؤديان إلى نفس النتائج، وأشار عبد الرحمن عية لـ “الخبر” أنه من بين الخطوط العريضة في برنامج الحكومة الحالية تسريع وتيرة مفاوضات الانضمام للمنظمة العالمية للتجارة، ورفع حجم الإنتاج الوطني من البترول والغاز من خلال الانطلاق في استغلال الغاز الصخري، وهما أمران متناقضان، فمن غير المعقول أن الجزائر التي تعتمد بشكل أساسي في تمويل اقتصادها على عوائد صادرات المحروقات وتعمل على تكريس ذلك بإنتاج الغاز من المصادر غير التقليدية لتحافظ على حصتها في السوق العالمية، تسعى في المقابل للانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة (التي تعمل على تفكيك الحواجز الجمركية السعرية والكمية أمام حرية انتقال السلع والخدمات) التي لا تدرج ضمن إطار مفاوضاتها السلع الاستراتيجية على غرار النفط والغاز ومشتقاتهما، بدعوى أنها سلع تخضع إلى سلطة عدد من التكتلات الاحتكارية على صعيد المنتجين والمستهلكين الذين يقومون بتحديد سقوف الإنتاج وحصص التصدير، وكذا التأثير على الأسعار، وهو ما يتعارض مع الحرية الكاملة للتجارة الدولية.من هذا المنطلق، أكد الخبير الاقتصادي “بالنظر إلى عدم وجود أي حاجز أمام 97٪ من صادرات الجزائر والمتمثلة في المحروقات، وفي ظل ضعف الإنتاج الوطني الذي يغطي 30٪ فقط من احتياجات الطلب الداخلي، ما يجعل استمرار البلد في تغطية العجز باللجوء إلى الاستيراد أمرا ضروريا، فإن انضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة سيعود حتما على الاقتصاد الوطني بالضرر، ذلك أنه سيخفض الحصيلة الجمركية فتزداد مسألة تمويل النفقات العمومية تعقيدا”، مضيفا “وسترتفع نسبة الاعتماد على الجباية البترولية إلى إجمالي إيرادات ميزانية الدولة من 60٪ إلى 80٪، كما ستخسر المؤسسات الوطنية خاصة منها الصناعية بسبب عدم قدرتها على مواجهة المنافسة الأجنبية داخليا، وتذهب كل تلك الأموال التي قدمت من أجل إنشاء ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة سدى”.في نفس السياق، لاحظ أستاذ الاقتصاد “سنشهد تراجع فائض الميزان التجاري مثلما حدث سنة 2009 مع الانضمام إلى منطقة التجارة الحرة العربية، حيث قدر التراجع تلك السنة بـ45٪”.وخلص الخبير “من غير الممكن للجزائر في الوضع الحالي أن تستفيد من الميزة التبادلية، وهو الشعار الذي ترفعه المنظمة، ذلك أن صادراتها خارج قطاع المحروقات خاصة إلى أوروبا ضعيفة جدا لا تتجاوز 1٪ من إجمالي الصادرات، وذلك بسبب نظام المواصفات الصارم والشروط الأوروبية القاسية المطبقة على السلع الواردة إليها، وحتى في عدم قدرة الجزائر على تحقيق اكتفائها الذاتي في مختلف المنتجات الزراعية والصناعية وحتى الخدمات، فماذا سنصدر وماذا سنستفيد؟ علما أن نسبة صادرات البلاد خارج قطاع المحروقات تقدر بـ3%، كما أن ضعف الإنتاج الوطني سيدفع بنا للاستمرار في استيراد كل شيء، خاصة في ظل رفض رأس المال الأجنبي الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية، على غرار الصناعة والزراعة، واقتصاره على الاستثمار في قطاعات المحروقات، التجارة والخدمات المضمونة عوائدها.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات