لم تمض 48 ساعة على استجابة الوزير الأول، عبد المالك سلال، لأغلب مطالب أفراد الشرطة الذين خرجوا لأول مرة في احتجاجات على سوء ظروف عملهم، حتى عادت ظاهرة انتحار أصحاب البذلة الزرقاء لتطفو على السطح من جديد، حيث أقدم محافظ الأمن الحضري الخامس ببلدية ورڤلة، صبيحة أمس، على وضع حد لحياته بمكتبه.لاتزال ظاهرة الانتحار وسط منتسبي الأجهزة الأمنية في الجزائر تؤرق السلطات، حيث عرف جهاز الشرطة في السنوات الأخيرة سلسلة من الانتحارات بين أفراده، من أعوان أمن وإطارات، تعددت أساببها ولم تفلح معها المخططات الاستعجالية لمواجهة الظاهرة، سواء بدراستها وتحليلها أو إنشاء خلايا للتكفل النفسي بموظفيها.ويأتي انتحار محافظ الأمن في ورڤلة بعد سلسلة من حوادث الانتحار التي شهدتها مختلف الأجهزة الأمنية في الفترة الأخيرة، على غرار إقدام شرطي في ولاية غرداية على وضع حد لحياته بسلاحه المتمثل في رشاش “كلاشنكوف”، نهاية شهر جانفي الماضي، في خضم المواجهات العنيفة التي تعرفها الولاية منذ أشهر. الشرطي الذي ينحدر من ولاية سوق أهراس، عنصر من الوحدة الجمهورية الأولى للأمن المتمركزة في منطقة سيدي عباز في غرداية، فتح انتحاره أكثر من علامة استفهام، خاصة أنه تزامن مع القرار الذي اتخذته المديرية العامة للأمن الوطني في حق ثلاثة من عناصر الوحدات الجمهورية للأمن والقاضي بتوقيفهم عن المهام، على خلفية تحقيق حول اتهام الشرطة بارتكاب تجاوزات خلال الأحداث التي تعرفها الولاية.وكان المدير العام للأمن الوطني، اللواء عبد الغني هامل، قد أمر بفتح تحقيق لمعرفة ملابسات انتحار الشرطي “ت.م.ص”، البالغ من العمر 22 سنة، الذي أقدم على الانتحار بتوجيه رشاشه إلى فمه.وبعد هذه الحادثة بأقل من شهر، أقدم شرطي يعمل في الأمن الحضري الخارجي ببوخضرة في ولاية عنابة على الانتحار، بعد أن وجه لنفسه طلقة نارية على مستوى الرأس. الضحية البالغ من العمر 46 سنة وأب لأربعة أطفال، يعمل منذ 20 سنة بأمن دائرة الحجار، قبل أن يتم تحويله منذ فترة قصيرة للعمل بالأمن الخارجي لحي بوخضرة.وفي نهاية شهر جويلية الماضي، لقيت شرطية بأمن دائرة بوقادير حتفها في ولاية الشلف برصاصة قاتلة أودت بحياتها داخل مقر عملها، فيما ذكرت مصادر أن الشرطية أصيبت عن طريق الخطأ بطـلق ناري من مسدسها على مستوى الصدر.هذا الحادث يعد الثالث من نوعه الذي تشهده مصالح أمن الشلف في ظرف سنة واحدة، ويتعلق الأمر بحادثة انتحار محافظ شرطة داخل مقر الأمن الولائي رميا بالرصاص بأحد مكاتب مصلحة الأمن العمومي، حيث تفاجأ زملاؤه بتوجيهه طلقة نارية أصابته في الرأس فأنهت حياته على الفور. وقبلها، شهد مقر الأمن الخارجي ببلدية سيدي عكاشة حادثة أخرى تمثلت في محاولة انتحار شرطية في العقد الثالث من عمرها، بعد أن أقدمت على إطلاق النار على نفسها بواسطة مسدسها الشخصي، وقد أصيبت بجروح بليغة على مستوى الصدر وخضعت لعملية جراحية بمستشفى تنس أنقذت حياتها. كما سبق أن شهدت ولاية عين تموشنت، السنة الماضية، حادثة انتحار لعنصر من جهاز الدرك الوطني في الـ25 من عمره، ينحدر من مدينة غليزان، وجّه طلقة إلى رأسه من مسدسه، الوسيلة التي لجأ إليها أغلبية المنتحرين في الأجهزة الأمنية، وإلى حد كتابة هذه الأسطر لاتزال أسباب الحادث مجهولة، مثله مثل الحوادث السابقة.يشار إلى أن أكثر حالات الانتحار في صفوف الأجهزة الأمنية سجلت سنة 2009، بإحصاء ما يفوق 10 حالات بسبب الضغوط المهنية والنفسية الحادة، وكانت أبرز حوادث الانتحار خلال هذه الفترة تلك التي أقدم عليها ضابط شرطة يعمل بمصلحة المحفوظات الوطنية للأمن الكائن مقرها بحيدرة في العاصمة، حيث وضع حدا لحياته بتاريخ 18 جانفي بعد 25 سنة من العمل في سلك الشرطة، وكتب في وصيته يقول “لقد تعرضت لتحرّشات وضغط من طرف مسؤولين في الجهاز”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات