+ -

 الأستاذ سعد.. كأنك قرأت أفكارنا في عمودك “شل المشلول”، وأقصد هنا إضراب المعلمين والأساتذة، حيث كنا ننوي الكتابة لك لتسلط قلمك الثاقب على التعفن الذي أصاب المنظومة التربوية، كما أصاب كل القطاعات في هذه الدولة “الهرمة والمريضة”. فالكثير من المتابعين للشأن التربوي في بلادنا لا يدركون حقيقة الأوضاع في هذا القطاع، بل ويسارعون إلى إصدار الأحكام اللامسؤولة في حق من علموهم كيف يكتبون، وكيف يتكلمون. كما أن الكثير يعتقد أن هؤلاء الأساتذة والمعلمين يقومون بهذه الإضرابات بهدف الضغط على الحكومة لزيادة أجورهم- رغم أنها زهيدة ولا تناسب القدرة الشرائية- هؤلاء لا يطالبون من الوزارة سوى بتعديل القانون الأساسي، وذلك منذ 2012، هذا الأخير الذي أحدث تمييزا بين عمال القطاع لم يحدث له مثيل منذ الاستقلال، حيث أصبح مثلا البعض مصنف في السلم 10 وآخر في السلم 14 أو 15، رغم أنهم يمارسون المهام نفسها، ويعملون في المؤسسة نفسها، ولهم المؤهلات نفسها، والمضحك حتى البكاء أن بعض الأساتذة أصبحوا بحكم هذا القانون مصنفين في رتبة أعلى من معلميهم بالأمس، لأن هؤلاء الأساتذة القدامى انتهت صلاحيتهم حسب الوزارة، فلم تشفع لهم السنين الطوال التي قضوها في هذه المهنة الشاقة، حيث أصبحت الوزارة تسميهم بالآيلين للزوال عوض تكريمهم وهم على مشارف التقاعد. ظلم كبير وإجحاف لا مثيل له لحق بهذه الفئات من المعلمين والأساتذة الذين أفنوا زهرة شبابهم في هذا القطاع، وحين يطالبون بتعديل هذا القانون لرفع الغبن عنهم، تقول لهم الوزارة عليكم بالصبر، لأن هذا يتطلب خمس سنوات على الأقل، أي نعم خمس سنوات.. هل تعلم الأخ سعد أنه بعد مرور 5 سنوات يكون الأغلبية من هؤلاء قد أحيلوا على التقاعد الإجباري أو الاضطراري (العام الماضي فقط طلب 20 ألف منهم الإحالة على التقاعد المسبق هروبا من المعاناة والظلم المسلط عليهم).هذا قليل من كثير الأستاذ سعد.. قطرة من بحر.. فلا داعي للحديث عن البرامج الدراسية، والاكتظاظ في الأقسام ولامبالاة الأولياء، بل ووقوفهم مع الوزارة ضد الأساتذة، ومعاناة الأساتذة من مشكل النقل والسكن و.. وقد لا تصدق الأستاذ سعد إذا قلت لك إنني قضيت أكثر من ربع قرن في التعليم، وقدمت ملفا للحصول على سكن سنة 1993 ولحد اللحظة “يجيب ربي”.. أقسم لك باللّه أنني مازلت لم أحصل على سكن حتى اللحظة وقد شارفت على التقاعد؟ وما يحز في نفسي أكثر حين أسمع جمعيات أولياء التلاميذ تتهم الأساتذة بأنهم يستعملون التلاميذ كرهينة لتحقيق مآربهم المادية، ولم يفكروا في مصلحة التلميذ، وكأن هؤلاء الأساتذة يعيشون في كوكب آخر، وليس لهم أبناء متمدرسون كغيرهم من أبناء الشعب، ونسوا أو تناسوا- أقصد زعماء هذه الجمعيات- أبناء جماعة “الفوق” الذين يدرسون في الخارج، أو في أرقى المدارس الخاصة هنا بالجزائر؟ كان من الأجدر على هذه الجمعيات أن تقف مع المعلمين، كما هو الشأن في البلدان المتحضرة.أتمنى أن تجد الصبر والوقت الكافي لقراءة رسالتي هذه الأخ سعد.. “حبيت أنفرّغ قلبي في حضرتك أستاذنا الفاضل” علّك تسلط قلمك أكثر على المهازل التي أصبحنا نعيشها في هذا القطاع.. رحم اللّه أيام زمان. أيام العصر الذهبي للتعليم، خلال السبعينيات والثمانينيات. بقلم خنيفر إبراهيم

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات