لاقت محاولات إقناع أعوان الأمن للوحدات الجمهورية للأمن بمغادرة مقر الرئاسة بالمرادية صعوبة كبيرة، أمام إصرار الغاضبين على مطلبي تنحية المدير العام لجهاز الأمن اللواء عبد الغني هامل، وإنشاء نقابة لهم، بالإضافة إلى تحسين ظروفهم المادية والاجتماعية التي وصفوها بـ«المُذلّة”. وإلى غاية كتابة هذه الأسطر، فإن المحتجين اتفقوا مع رئيس أمن ولاية الجزائر العاصمة، بوفلاقة نور الدين، على مغادرة المكان في انتظار ما سيفرزه اجتماع الأحد المقبل.المشهد أمام الرئاسة، أمس، يختلف عن سابقه، فبعد أن استطاع الغاضبون، أول أمس، الوصول إلى الباب الرئيسي والاعتصام أمامه في ظل غياب شبه تام للحرس الرئاسي أو أعوان مكلفين بصدهم، محققين شرطهم بحضور الوزير الأول ومقابلته، تغيّرت الصورة بانتشار عناصر الحرس الجمهوري، لإخلاء الساحة من المحتجين وإرجاعهم إلى الطريق المار بمحاذاة محيط مقر الرئاسة.ورغم تناقص عدد المحتجين وتراجعهم إلى الطريق، وإخلائهم للساحة، إلا أن حوالي 300 منهم كانوا قد رفضوا المغادرة كليا إلى حين تلبية كل مطالبهم، مؤكدين أن زملائهم الذين كانوا معتصمين رجعوا إلى الثكنات ليرتاحوا، لكنهم مضربين عن العمل و«سيلتحقوا بنا ريثما يحين الوقت”.ولم تشفع العلاقة الطيبة لرئيس أمن ولاية الجزائر، بوفلاقة نور الدين، مع عناصر الوحدات الجمهورية للأمن، من امتصاص غضبهم وإقناعهم بالعودة إلى الثكنات ومن ثم مباشرة الحوار عبر ممثلين عنهم، الأمر الذي رفضوه مطلقا، معتبرين مغادرة المكان هو بمثابة تراجع عن مطالبهم.وحسب الأعوان المحتجين الذين تحدثوا إلى “الخبر”، فإن مقترحات بوفلاقة بتعيين أربعة ممثلين ليقابلوا ثانية الوزير الأول يوم الأحد كانت مرفوضة، وأن ما تم ترويجه في الصحافة على أساس أن ثمة اتفاقا بينهم والوزير الأول عقب اجتماع أول أمس “مغلوط هو الآخر”، حيث قال أحد الأعوان، للصحافة، إن “رفض دخول الصحافة لحضور مجريات الحوار، وكذا أخذ جزء منها إلى قصر الحكومة دليل على عدم جدية الحوار”. وتابع المتحدث مؤكدا أن الاجتماع الذي جرى، أول أمس، مع الوزير الأول “لم يثمر أي شيء”، وأن مطالبهم لم تلب إطلاقا، موضحا أن الأعوان سيواصلون حركتهم الاحتجاجية إلى غاية رحيل المدير العام لجهاز الأمن وإنشاء نقابة كمطلبين رئيسيين.وشهد الطريق المار أمام الرئاسة حالة من الذهول نظرا لحساسية المكان، حيث تجمّع السكان والصحفيون وأعوان الأمن بالزي المدني وسط تنديدات المحتجين الذين “أصبحوا شوكة في حلق السلطات، خاصة وأنه من غير الممكن الاستنجاد بأفراد شرطة لصدّ زملائهم”.كما عبّر منتسبو الشرطة الغاضبين عن استيائهم من ظروف العمل، واصفين إياها بـ«المهانة وغير الإنسانية”، وكسر أحدهم الصمت بالتشمير على ذراعه وإظهار آثار مرض السل الذي ينهكه، وأكد آخر لـ«الخبر” أن هناك أكثر من 10 حالات في الوحدة الجمهورية التاسعة بباش جراح بالعاصمة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات