+ -

 عن عبدِ اللّه بن عَمرو بنِ العاص رضي اللّه عنهما، قال: قال رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “لا يُؤمِنُ أَحدُكُم حتّى يكونَ هَواهُ تَبَعًا لِما جِئتُ بِهِ” أخرجه البيهقي والخطيب والبغوي، وهو حديثٌ حسن صحيح.يشير الحديث إلى أنَّ الإنسان لا يكون مؤمنًا كامل الإيمان الواجب حتّى تكون محبّته تابعةً لما جاء به الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم من الأوامر والنَّواهي وغيرها، فيحبُّ ما أمر به، ويكره ما نهى عنه. وقد ورد القرآن بمِثل هذا في غير موضع. قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} النّساء:65.وذمَّ سبحانه من كره ما أحبَّه اللّه، أو أحبَّ ما كرهه اللّه، قال عزّ وجلّ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللّه فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} محمّد:9، وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللّه وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} محمّد:28.فالواجب على كلِّ مؤمن أنْ يُحِبَّ ما أحبَّه اللّه محبّةً توجِبُ له الإتيان بما وجب عليه منه، فإنْ زادت المحبَّةُ، حتّى أتَى بما ندب إليه منه، كان ذلك فضلًا، وأنْ يكره ما كرهه اللّه تعالى كراهةً توجِبُ له الكفَّ عمَّا حرَّم عليه منه، فإنْ زادت الكراهةُ حتَّى أوجبت الكفَّ عمّا كرهه تنْزيهًا، كان ذلك فضلًا. وقد ثبت في الصّحيحين من طريق أنس بن مالك رضي اللّه عنه أنه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “لا يؤمن أحدُكُم حتّى أكونَ أحبَّ إليه من نفسه وولده وأهله والنّاس أجمعين”، فلا يكون المؤمن مؤمنًا حتّى يُقدّم محبّة الرّسول على محبّة جميع الخلق، ومحبّة الرّسول تابعة لمحبّة مرسله.والمحبّة الصّحيحةُ تقتضي المتابعةَ والموافقةَ في حبِّ المحبوبات وبغضِ المكروهات، قال اللّه تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّه فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّه وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} آل عمران:31.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات