أيّد قانونيون ونشطاء حقوقيون احتجاج عناصر الشرطة وخروجهم في مسيرات بالشوارع، لاسيما مطلبهم المتعلق بإنشاء نقابة وطنية بحكم أنّها “حق دستوري لجميع موظفي الدولة”. وطالب القانونيون والحقوقيون الذين تحدثت إليهم “الخبر” بـ«تجريد الشرطة من مهمة قمع احتجاجات الجزائريين، مادام أن رجال الأمن تظاهروا وخرجوا في مسيرات دون ترخيص”.أفاد الناشط الحقوقي ومنسّق شبكة المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان أمين عبد الرحمن سيدهم، أن “في كل دول العالم ممارسة النشاط النقابي يعتبر حقا دستوريا، فلماذا تريد السلطة في الجزائر أن تجعل من العمل النقابي “جريمة” وإشكالا يمس بأمن الوطن، وعناصر الشرطة لا يحيدون عن هذا المبدأ الدستوري وإنشائهم لنقابة وطنية حق مطلق”. وقال سيدهم: “احتجاج رجال الأمن لاسيما المتواجدين في غرداية معقول، بحكم أنهم قضوا أكثر من 8 أشهر هناك دون فترة راحة، فهؤلاء بشر وصبرهم له حدود، وحاليا نتابع حركتهم الاحتجاجية”. وسألت “الخبر” المتحدث عن مستقبل هذه الحركة، فأجاب: “الاحتجاج جاء بصورة فجائية ولا نعلم من ينظمه، لذلك لابد له من تنظيم حقيقي بالخصوص وأنه متعلق بإنشاء نقابة، مراعاة لطبيعة المحتجين”.وطالب منسّق شبكة المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان بـ«تجريد رجال الأمن من مهمة قمع المظاهرات والاحتجاجات التي يقوم بها المواطنون والعمال والموظفون، بحكم أن عناصر الشرطة خرجوا في مسيرات دون ترخيص وهم الذين كانوا يقمعون الاحتجاجات نظرا لطابعها غير القانوني، لذلك لا يحق من الآن فصاعدا متابعة أي مواطن بتهمة التظاهر دون ترخيص”.وأفاد رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان نور الدين بن يسعد، أن “من حق رجال الشرطة تأسيس نقابة لهم كأي عامل في الجزائر، ولكونه أيضا حقا دستوريا مشروعا”، مضيفا: “رجال الشرطة هم أيضا موظفون لديهم مشاكل مهنية واجتماعية ومعنوية، والنقابة هي الجهة الوحيدة القادرة على الدفاع عن حقوقهم”. وواصل بن يسعد: “في الرابطة موافقون على مبدأ تأسيس نقابة للشرطة، وهي بعكس تصريحات المسؤولين همزة وصل بينهم وبين الحكومة، بهدف إيجاد حلول لمشاكلهم وتلبية مطالبهم في إطار سلمي من خلال الحوار”.وذكر المحامي والناشط الحقوقي والسياسي مقران آيت العربي بأنه “حقا لا يمكن للشرطة نظرا لطبيعة عملها أن تنظم الإضرابات، ولكن الشرطي موظف، عليه واجبات وله حقوق. فبقدر ما كانت واجباته كبيرة كونه يعمل من أجل المحافظة على النظام العام وحماية الأشخاص والحرمات والأملاك، بقدر ما له من حقوق فيما يتعلق بظروف ووسائل العمل”.وأشار آيت العربي إلى أن “الشرطي مهما كانت مهمته أو مرتبته يعاني من مشاكل اجتماعية كأي عامل، زيادة عن واجباته المهنية التي يمارسها في ظروف صعبة وتعليمات غامضة”. وتابع يقول: “في حين ينبغي أن تسجل مهامه في إطار القانون، ونتيجة لهذه الأعباء المهنية وظروف العمل والمشاكل العائلية، حدثت عدة انتحارات في الأوساط الأمنية، وهذا كله يلقي على الدولة بصفة عامة، وعلى الوزارة الوصية والمديرية العامة للأمن الوطني بصفة خاصة، أعباء كثيرة فيما يخص حماية الأعوان”.وتساءل المحامي والناشط الحقوقي في مساهمة نشرها على صفحته بـ«الفايسبوك”: “كيف يمكن للشرطة أن تعبر عن مطالبها المشروعة بالوسائل القانونية في إطار مهامها اليومية؟”، مجيبا: “بكل بساطة، للشرطة في البلدان الديمقراطية نقابة منتخبة بحرية حسب الأسلاك، مهمتها الدفاع عن حقوق أعضائها المادية والمعنوية دون الخوض في المسائل السياسية، ومن هذا المنطلق، فأنا مع إنشاء نقابة للشرطة تتولى الدفاع عن حقوق أعضائها وفقا للقانون”.وأوضح رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني، أن “احتجاج عناصر الشرطة ليس سياسيا بل مهني اجتماعي، للتعبير والمطالبة بحقوقهم في السكن والتحويلات وغيرها التي أقلقتهم نوعا ما”، مضيفا: “ودعوتهم إلى إنشاء نقابة حق دستوري محترم في الدول الديمقراطية، ولا أرى مانعا من تأسيسها، فالقضاة لهم نقابتهم، فلماذا يريدون جعل جهاز الشرطة استثناء؟”. وقال قسنطيني: “وأمام هذه التطورات، لابد على الحكومة الوصول إلى حل مستعجل مع الشرطة المحتجين، لأنّها احتجاجات لها أساس مادامت متعلّقة بمطالب لتحسين مستواهم المهني والاجتماعي، ونقابة للشرطة أعتقد أنه سيكون لها دور جبّار في ترقية جهاز الأمن”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات