ألم يخطر ببال أحد طرح سؤال حول كيفية ضبط سير أكثر من 500 حافلة تخرج وتدخل من محطة نقل المسافرين بمدينة سطيف؟ كل هذه الحافلات تسير بتناسق تام في ظل اختناق مروري لا يوصف خاصة في أوقات الذروة، ومن أجل كشف من يقف وراء ذلك، تنقلت “الخبر” إلى محطة نقل المسافرين، وأماطت اللثام عن مجموعة كبيرة من الساهرين على ذلك أو ما يعرف بـ”ضباط الوقت” جميع من في المحطة يعرفهم، حتى السلطات الأمنية والإدارية ممثلة في مديرية النقل تعرفهم جيدا، لكن حقوقهم مهضومة منذ أكثر من عشرين سنة كاملة، عددهم يتجاوز الثلاثين بمعدل ضابط وقت على رأس كل خط حضري، معداته تتمثل في صفارة وساعة وقلم ودفتر، يسجل عليه ترتيب الحافلات ويضبط وقته بشكل دقيق للغاية. فمجرد تأخر الحافلة دقيقة واحدة أو تقدّمها قد يخلق فوضى كبيرة، وقد يسبب اختناقا مروريا لا يمكن التحكم فيه، أتعابهم تتمثل في مساهمة كل صاحب حافلة بمبلغ معيّن يتراوح بين 50 و100 دج للحافلة الواحدة، هم لا ينكرون أن دخلهم اليومي يسد حاجياتهم، لكن قلقهم الكبير هو ظروف عملهم السيئة، فهم يقفون طول النهار من السادسة صباحا إلى السابعة مساء، تلفح وجوههم الحرارة الشديدة في الصيف وتتهاطل عليهم الأمطار والثلوج في الشتاء، خاصة وأن محطة نقل المسافرين بسطيف تعتبر من أسوإ المحطات وطنيا في انتظار تجسيد مشروع المحطة البرية الجديدة بحي عين الطريق، حيث تنعدم فيه أي مظلات قد تقي المسافرين من الظروف الجوية الصعبة.من جهة أخرى، يساهم هؤلاء في فك النزاعات والخصومات التي تقع بين أصحاب الحافلات وحتى المسافرين، ويؤكد الكثير من الناقلين أن دورهم كبير في فرض النظام دون اللجوء إلى مصالح الأمن أو حتى نقابة المسافرين التي استنجدت بهم في التعبئة للانتخابات التشريعية والرئيسية لصالح بوتفليقة.وفي حديث لـ”الخبر” قال أحد ضباط الوقت المدعو صالحي لخضر “عندما تتجول في محطة المسافرين لا تجد أحدا هنا، الكل غائب سوى ضباط الوقت، نريد أن يتم الاعتراف بنا، سواء بخلق مناصب شغل رسمية أو التكفل بنا بشكل علني”.سراي خير الدين ممثل عن ضباط الوقت“نعاني في صمت منذ 20 سنة” قال ممثل عن ما يعرف بضباط الوقت بمحطة نقل المسافرين لـ”الخبر”: “وضعيتنا صعبة للغاية، الدولة لا تريد الاعتراف بنا ونقابة الناقلين لم تجد حلا، نريد أن يكون لنا رقم للضمان الاجتماعي لضمان حقوقنا” بعد هذه الكلمات بدا خير الدين في قمة الغضب من عدم إيلاء أي اهتمام بهم “لولا مجهوداتنا لسدّت حركة المرور لساعات، الكل يعرف مجهوداتنا ودورنا ولا يريدون الاعتراف بنا”. وعلى صعيد عملهم اليومي، أضاف “تصور معي لو تعرضنا لأي مشكل أو هجوم من أي غريب، من سيتكفل بنا أو بأولادنا، لمن تشتكي، من هو رب عملنا”، فيما يأمل خير الدين ومن معه إدراجهم في شبكة عمال المؤسسة الوطنية لنقل المسافرين حتى تكون مهامهم رسمية، خاصة وأن خطوط النقل في تزايد مستمر ولا بد من إطار وهيكل تنظيمي لضمان السير الحسن لأكثر من 500 حافلة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات