الأثر الدِّيني لقيام الحكومة النّبويّة

+ -

لقد ترتّب عن قيام الحكومة النّبويّة في المدينة آثار بعيدة المدى في الدّين والسّياسة والاجتماع والاقتصاد، ولعلّ الأثر الدّيني كان أعمقها وأبقاها، إذ قضى الإسلام على الوثنية الّتي عجزت مختلف العقائد السابقة عن إضعافها في بلاد العرب، ودعَا إلى عبادة إله واحد هو ربّ العالمين، لا إله قبيلة معيّنة أو شعب واحد مختار. وبنى أركانه على أعمال طاهرة تشعر الإنسان بعاطفة التديُّن الصّادق كالصّلاة في تدبير وخشوع والزّكاة مع رعاية التّكافل الاجتماعي والصّوم والحجّ بمعانيها الاجتماعية والرّوحية.والصّلاة فرضت منذ بدء الدّعوة وكان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقيمها مع زوجته الطّاهرة أمّ المؤمنين السيّدة خديجة رضي اللّه عنها، ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي حتّى فُرضَت الصّلوات الخمس بعد أعوام في حادثة الإسراء والمعراج الّتي جاءت معجزة باهرة للرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم تكرّم بها اللّه سبحانه على محبوبه ليُفرِّج عنه كرب الدّعوة وبلائها ويُعزِّيه لفِراق زوجته خديجة وعمِّه أبو طالب في عام واحد.ولم يُعرَف الآذانُ دعوةً إليها إلّا بعد انتقال النّبيّ الكريم إلى المدينة حين وجد المسلمون متنفّسًا لأداء الشّعائر الدّينية، وكان عليه الصّلاة والسّلام يأمر بلال أن يؤذّن بالنّاس للصّلاة بصوته الحلو النّدي، والصّلوات الخمس المكتوبة دَعت المسلمين إلى بناء المساجد فبَنَى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو في طريقه إلى المدينة مسجدًا في إحدى ضواحيها “قُباء” ثمّ بنى مسجدًا جديدًا لدى دخوله المدينة المنوّرة نفسها كما جاء في مقدمة ابن خلدون رحمه اللّه.ومن الطريف أنّ عدد المساجد الّتي بُنيَت في حياة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم بلغ تسعة مساجد، وأنّ أكثرها اتّخِذ مدارس للتّعليم على أنّ هذه المساجد كانت خالية من الزّخرف لأنّها بُنيَت لتكون مواضع عبادة. والإسلام يفضّل من تلك المواضع المطهّرة أن تكون إلى البساطة أقرب لتنفح القلوب بمعاني الورع والخشوع.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات