يستبعد مختصون يمارسون القانون تأثير إدانة رفيق عبد المؤمن خليفة بفرنسا، على ملفه بالجزائر المنتظر إعادة فتحه بعدما أحالته المحكمة العليا على محكمة الجنايات بالبليدة. غير أنهم يتفقون على أن محاكمته بفرنسا توفرت فيها كل الشروط والضمانات القانونية، وأن ذلك كان غائبا في المحاكمة التي جرت بالبليدة عام 2007، وتمت إدانته بالسجن مدى الحياة.وقال المحامي خالد بورايو الذي رافع في الملف، لـ”الخبر”، إن قضية الخليفة “ليست بسيطة، ويخطئ من يعتقد بإمكانية مقارنتها بملفات أخرى، والسبب أنها قضية نظام، أي أنها تتعلق بمسؤولين في هرم الدولة وهي تعكس طريقة تنظيم شؤون السلطة في البلاد”. وأوضح بأن من يسمى “الفتى الذهبي”، ما كان شأنه ليكبر ويؤسس إمبراطورية مالية لو لم يوفر له النظام الدعم. وأضاف المحامي بأن القضية “عادية في فرنسا لكنها ليست عادية أبدا في الجزائر، لأنها تمسّ مؤسسات وشخصيات في الدولة ما يجعل منها ذات بعد سياسي محض”.ويرى المحامي أن الملف في فرنسا “استفاد من المعالجة من كل الجوانب، ولذلك عندما وصل إلى القضاء كانت شروط المحاكمة كلها مستوفية، أما عندنا فقد عرف الملف ثغرات كبرى ونقاط ظل لافتة مرّت عليها العدالة مرور الكرام. وأهم الثغرات طمس بعض المسؤوليات في الفضيحة”.وإذا تم تجاوز الثغرات التي تغاضت عنها محكمة البليدة قبل 7 سنوات، فإن الحلقة الغائبة عن الملف فرنسيا وجزائريا أيضا، هي أن خليفة لم يتم السماع له حتى الآن لمعرفة روايته للأحداث، بمعنى كيف بنى إمبراطوريته وبمساعدة من وكيف انهارت وأسباب انهيارها. وما يلفت الانتباه أيضا أن السلطات القضائية الفرنسية، لم تقدم إنابة قضائية لنظيرتها الجزائرية لسماع المسجون بالحراش، في الوقائع المنسوبة له والتي كانت سببا في إدانته غيابيا بخمس سنوات سجنا نافذا.وذكر القاضي سابقا المتخصص في القانون العام، عبد الله هبّول، في اتصال به، أنه يستبعد طغيان أي بعد سياسي على الملف المعالج في فرنسا، “لأن فرنسا بلد ديمقراطي وهي مجتمع أوروبي يكرّس مبدأ الفصل بين السلطات. في فرنسا يوجد صحافة ورأي عام صارم، واستقلال القضاء فيها شيء مقدّس. فرنسا عدالتها لها تاريخ وجهازها القضائي معترف له بالاقتدار وبعدم الخضوع للإملاءات، وقد أعطى الأمثلة على ذلك في مرات كثيرة كان آخرها متابعة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي. ما أريد قوله من ذلك أن القضاء الفرنسي تحرّك في ملف الخليفة من منطلقات قانونية بحتة”. ويفهم من حديث القاضي النقابي سابقا أن شروط النزاهة والاستقلالية والحياد، غير متوفرة في القضاء الجزائري الذي يعرف آليات اشتغاله جيدا.وحول تداعيات محتملة للحكم الصادر ضده بباريس، على الملف بالجزائر، قال هبّول الذي يقود معركة قضائية ضد وزير العدل السابق الطيّب بلعيز: “لو تعرض الخليفة للمتابعة بنفس الأفعال التي أدين بسببها في فرنسا، سيقع إشكال قانوني. ولكن في كل الأحوال لا يمكن معاقبته مرتين في نفس الوقائع”.من جهته أفاد المحامي ميلود براهيمي، الذي رافع في الملف أيضا، في اتصال به أن القضاء الفرنسي “يوفّر كامل الضمانات في القضايا التي يعالجها”. ويرى أن رفيق عبد المؤمن “لم يستفد من أي دعم سياسي لتفسير الثروة التي كوّنها في ظرف قياسي، والدليل على ذلك أنه عندما سقط وتهاوت شركاته لم يجد أحدا ليحميه ويجنّبه المتاعب التي واجهها”. ويعتقد المحامي، مؤسس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، أن عقوبة المؤبد التي صدرت ضد خليفة “ليست معقولة فهي قاسية جدا قياسا إلى ملف اقتصادي، أرى أن الجوانب الإنسانية كانت غائبة فيه عند معالجته”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات