يعتقد الروائي محمد ساري أنه من الصعوبة بمكان أن الحديث عن تأثير الثقافة الأمازيغية في رواياته إلا إذا كان المقصود كتابة الرواية الاثنوغرافية مثلما فعل مولود فرعون في ”الأرض والدم” وذلك لأسباب تاريخية سياسية معروفة. ذلك أن الرواية القائمة على حكاية وشخصيات من الراهن لا تلتفت حسب ساري ”إلى إبراز هذه العناصر الثقافية المكوّنة للشخصية الأمازيعية إلا إذا جاءت عرضا في سياق الحديث. أنا لم أطرح على نفسي هذا السؤال رغم أن أحداث رواياتي الأولى ”على جبال الظهرة”، ”السعير والبطاقة السحرية” مستوحاة من البيئة الأمازيغية. ولكنني الآن إذ أنظر إليها من هذه الزاوية فأكتشف أنّ عناصر كثيرة من عادات وتقاليد أمازيغية راسخة موجودة ومبثوثة في نسيج الأحداث، مع التذكير بأنّ هذه العادات والتقاليد موجودة في بيئات أخرى غير الناطقة بالأمازيغية. فمثلا في رواية ”على جبال الظهرة” القسم الثاني خاصة، فيه حديث عن موسم الحصاد وتعاضد الفلاحين وتعاونهم لحصاد القمح والشعير عن طريق تنظيم ”التويزة”. كما تحدّثت عن تنظيم الأعراس خاصة عرس الزواج في رواية ”السعير” وتلك العادة في انتظار القميص الملطخ بدم العذراء ليلة الدخلة، وربط شرف العائلتين معا: عائلة العريس (فحولة الرجل) وعائلة العروس (عذرية المرأة). وهي عادة أمازيغية صرفة، تترتب عنها خصومات وشجارات وإهانات إذا أخلّ طرف باحترام نواميسها”. وأضاف ساري في تصريح لـ ”الخبر”: ”كما تحدّثت في رواية ”البطاقة السحرية” عن فعل الثأر، حيث يجتمع أهل القتيل أمام مقر الدرك يطالبونهم بتسليم القاتل للثأر لقتيلهم. وهي أيضا من العادات الراسخة في المجتمعات القبلية ومنها بالأخص الأمازيغية. صحيح أنني لم أكتب الرواية الاثنوغرافية ولكن واقعية رواياتي فرضت عليّ كشف نمط عيش وسلوك الشخصيات المنتمية إلى البيئة الأمازيغية دون شعور مني، ذلك أنني أحمل في تكويني وثقافتي هذه العناصر التي أعتبرها من مكوِّنات الشخصية الجزائرية”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات