“لا تقتل باسمي”، حملة أطلقتها مواقع التواصل الاجتماعي، تسعى إلى تحرير الإسلام من الاختطاف. فعلا، لابد لكل مسلم يدرك بأن البشاعة والجرائم المرتكبة من طرف بعض الجماعات والتنظيمات تشوّه دينه وتؤذي رسالته، المسارعة لتبرئة انتمائه وقناعاته الحرة بالإسلام منها، من خلال إعلان رفضه واستنكاره الواضح والصريح لارتكاب تلك الأفعال الشنيعة باسمه كمسلم، مادامت ترتكب باسم الإسلام، على اعتبار أن أخطر ما تقوم به الجماعات الجهادية من قتل للآمنين وترويع للأبرياء باسم الإسلام، فيه إساءة بالغة للدين، لابد أن يعي كل مسلم انعكاساتها على الدين وعليه. ومن ثم بات من الضروري أن ينتفض المسلم حيث ما كان، لأجل فك هذا الربط التعسفي بين الدين والتدين في أسوأ صوره، من منطلق أن أي إساءة للإسلام هي إساءة للمسلم، بل هي تعدٍ عليه، في هويته وكيانه المعنوي وعلى انتمائه، حيث إن هذا التوظيف المتعدد للدين مهما كان مصدره في صراعات وحروب معقدة وغير عادلة بوسائل إجرامية تشرع للظلم والجريمة، تتطلب وقفة قوية وفاعلة من طرف الشباب المسلم بكل فئاته، لأن أخطر ما تقوم به داعش وأخواتها، فضلا عن قطع الرؤوس وسفك الدماء، هو ارتكاب هذه البشاعات والشنائع باسم الإسلام، فالدين فعلا يتعرض للاختطاف من طرف أهل التدين بشكل يجعل من قضية البحث في متطلبات التفريق بين مقتضى الدين ومقتضيات التدين المغلوط، أمرا مستعجلا وضروريا، ومن ثم فإن هذه الحملة مبادرة إيجابية، لابد أن تتعدد في صور شتى لتتسع وتتعمق، وأن تحتضنها وتتبناها مؤسسات المجتمع المدني، وأن تعمل النخب على تأطيرها وتفعيلها ونشرها حتى تتحول إلى خط المواجهة الفكرية الدائمة تجاه من يحاول التوقيع في مكان رب العالمين.
وفي هذا السياق ومن أجل تفادي التعامل مع الظاهرة خارج صيرورتها، لابد من التأكيد على أن عملية اختطاف الإسلام لم تبدأ من اليوم، أو عند نشر الكاتب الباكستاني شيما خان لكتابه “اختطاف الإسلام” إثر اعتداءات 11 سبتمبر 2001، ولكن لعملية اختطاف الإسلام تاريخ لم يدرس بعد، وهو يعود إلى اللحظة التي بدأ فيها تسييس الدين وتفقيه السياسة، وزرع بذور هذه النزعة التسيسية للإسلام في المصفوفة الإسلاموية، إلى أن تطور ذلك وتجلى في مشاريع الإمارة والدولة والخلافة، وتجسدت أخطر صوره في أفعال وممارسات الجهاديين، ومن ثم فإن أي مقاربة لدراسة الظاهرة بعيدا عن خلفياتها المعرفية والابستمولوجية تعتبر منزلقا منهجيا ينتهي إلى علاجات مؤقتة سرعان ما تخلفها ظواهر أكثر بشاعة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات