+ -

 لم يكن الشاب حسني شقرون أو الشاب حسني كما يعرف، مجرد مغني “راي” اشتهر في بداية التسعينيات ومات في عز شبابه وفي عز الأزمة الأمنية الجزائرية بأيدي الغدر، ككل شيء جميل مات يومها في الجزائر، فمن عايش تلك الفترة الصعبة واستمع إلى أغانيه بتمعن، يفهم نفسية شباب المرحلة وحاجاته المتعددة. كان حسني صورة حية عن أزمات التسعينيات، النفسية والاجتماعية والسياسية والأمنية، صورة عن الانجراف، عن الانحراف، عن الألم، عن الخوف، عن الحاجة للحب، للحنان، للطمأنينة، باختصار الحاجة للحياة.. كان صوت الشباب ومأساتهم ومعاناتهم، الصرخة التي أخرستها آلة الموت يومها.. من طال غيابك يا غزالي، إلى الفيزا، إلى غدار، إلى توحشتك.. إلى 150 ألبوم ضم أكثر من 500 أغنية عاطفية.. لم تكن الأغاني مجرد كلمات عاطفية تتغنى بالحب والمرأة، بل كانت رسائل عن مجتمع يتمزق في صمت من الداخل. كان حسني قاموسا عكس صعوبة الفترة أو نطق باسمها، فقد ترددت في أغانيه الكثير من مصطلحات التسعينيات “فو باراج”، “الجدارمية”، “الهدة أو الغربة”، “الفيزا”، “نقطع البحر”، “خليني نموت”، “وين نروح”، “ما بقات عيشة”، “المكتوب”، “الدموع”.. حمل حسني تناقضات تلك المرحلة في أغانيه والتردد والتململ والتمزق، فغنى لـ”الفيزا” والغربة، وغنى أيضا للجزائر “ما بقاتش الهدة.. غير هنا ونديرو الڤلب”، الأغنية التي كانت ردا على كل محاولات تيئيس الشباب.. وكانت أكثر أغانيه رواجا “راني خليتهالك أمانة” بمليون نسخة في ظرف أسبوع، الأغنية التي كان كل جزائري يسقطها على وضعه، لأن الأمانة يمكن أن تكون المرأة التي قد يغادرها ولا يعود أو يعود محملا على نعش كما حدث للكثيرين من أبناء الجزائر.. الوطن الذي يهرب منه ويتركه أمانة .. غنى حسني عن ظروف الحياة خاصة أزمة السكن التي كانت في أوجها “دوبياس وكويزين وين نديرك يا الزين”.. وغنى “نبغيك ماني مهني من لا فونير راني خايف”، ومن لا يخاف من المستقبل في تلك الفترة، عندما تخرج ولا تدري إن كنت ستعود، وأكيد ستترك وراءك أيتاما بمختلف المعاني يتيم الوالدين، يتيم القلب، يتيم الروح، يتيم الأخ، “ذاك المحروم” كانت صرخة الموت والقتل الهمجي. وكانت أغنيته “قالوا حسني مات” التي ردّت على إشاعة قتله قبل أن يقتل فعلا، ومات حسني وترك الجزائر التي أحبها ولم يغادرها عكس الكثيرين أمانة..  

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: