قال اللّه سبحانه وتعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} الفرقان:27-29.من الأمور والآداب المهمّة للحاج الاهتمام والاعتناء باختيار الصُّحبة والرِّفقة الّتي سيُرافقها أثناء حجّه، فيختار أصحابًا ورفقاء صالحين، الّذين يُذكِّرونَه إذا نسيَ، ويعلمونه إذا جهل، وينشطونه إذا كسل، فيكتسب منهم أخلاقًا وآدابًا صالحة، وهمّة عالية، وذلك لأنّ المرء على دين خليله، فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “المرءُ على دِين خليله، فلينظرْ أحدُكُم مَن يُخَالِلْ” رواه أبو داود، وعن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “لا تُصاحِبْ إلّا مؤمنًا، ولا يأكُل طعامَك إلّا تقيٌّ” رواه الترمذي.قال أمير المؤمنين سيّدنا عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه:لا تَصْحَبْ أَخَا الْجَهْلِ وإيّاك وإيّاهفكمْ مِنْ جاهلٍ أَرْدَى حلِيمًا حين آخَاهُيُقاسُ الْمَرْءُ بِالمرء إذا ما المرء مَاشَاهُوَلِلشَّيْء من الشيء مَقَايِيسٌ وَأَشْبَاهُفالرِّفقة الصّالحة مِن أعظم الأسباب المعينة على الهدى والخير ومحاسن الأخلاق، وذلك لأنّ الطبع لصّ يسرق مَن الطبع الخير والشرّ، فمَن كان جليسه وصاحبه صالحًا استفاد منه صلاحًا وهدى، ومن كان صاحبه من أهل الكبر والفسوق والمعاصي، فلن تزيده إلّا شرًّا وبُعدًا عن اللّه، فاحذر من مصاحبة الفاسقين الّذين لا يُراعون حُرُمات اللّه، ولا يُعظِّمون شعائر اللّه، ولا يحرصون على تأدية حجّهم على هدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فيضيعون عليك أشرف الأوقات فيما لا ينفع ولا يفيد.وإذا كان الأمر كذلك فحريّ بالحاج أن يَحذَر صُحبة الفاسد والفاسق، لأنّه يجرّ صاحبه إلى طريق الشرّ والفساد، ويمنعه من مواصلة السير إلى اللّه، ويصدّه عن سواء السّبيل، ويحول بينه وبين الحجّ المبرور، إنّه جليس السّوء الّذي حذَّر منه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين قال: “إنّما مثل الجليس الصّالح وجليس السّوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إمّا أن يحذيك )يعطيك دون بيع(، وإمّا أن تبتاع منه، وإمّا أن تجد منه ريحًا طيّبة. ونافخ الكير إمّا أن يحرق ثيابك، وإمّا أن تجد ريحًا خبيثة” رواه البخاري.فاحرص أيّها الحاج أن تكون صُحبتك من أهل الدِّين والعِلم والخيْر، فقد أمر اللّه تعالى نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم بصُحبة الأخيار في قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} الكهف:28، ولذلك كان السّلف الصّالح رضوان عليهم يختارون لسفر الحجّ ونحوِه الصُّحبة الصّالحة، من أهل العِلم والصِّدق وأصحاب الدِّيانة والهِمّة العالية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات