“لا ندعو إلى تكفير الإنسان الذي يسبّ الدين”

+ -

ما أسباب التعدّي على الذّات الإلهية بالسّبّ؟ هناك مجموعة من العوامل، العامل الأوّل عدم التعمّق أو تأصّل أو تجذر المعتقد الإسلامي، لأنّ الإنسان الذي يمتلئ قلبه بالإيمان لن يكون لسانه أو يده أو عينه إلاّ معبّرًا عن هذا الإيمان. ثانيًا: البيئة التي نشأ فيها هي البيئة التي تعوّدنا على أن يكون الإنسان فيها متخلّقًا بأخلاق الإسلام. ثالثًا: المجتمع الذي يتخلّى عن النّهي عن المنكر، ففي البيت عندما كنّا صغارًا عندما يسمع الكبار شخصًا قال كلامًا بذيئًا أو فاحشًا عوقب، والآن تخلّى المجتمع عن هذا. رابعًا: هناك عوامل تشجّع على ذلك كوسائل الإعلام والتلفزيون والأفلام الإباحية والإنترنت. خامسًا: التقليد، والشباب أو الأطفال أو الكبار يقلّدون بعضهم بعضًا ويستهينون في ذلك. وفي القديم كان السب من أعظم الكبائر التي يقترفها الإنسان، الآن أصبح هذا الأخير يقول كلام بذيئا ضدّ الذات الإلهية ويسب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فإذا كان هذا يقع من قبل شبابنا، فكيف نعيب على مَن يستهزئ بنبيّنا أو يرسم رسوما تسيء للنّبيّ الكريم صلّى الله عليه وسلّم، فأنا كمسلم كيف يجوز لي قول ذلك؟كيف تكون توبة من يفعل ذلك؟ يُنَوَّى هذا الإنسان في هذه القضية، وأكيد أن النّاس كما يقول الله تبارك وتعالى {لا يُؤاخِذُكم الله باللّغو في أيْمَانِكم} لأنّ بعض القول لغو، ولأنّ الإنسان يتعوّد على كلمات مثل هذه ولا يحسب لها عواقبها ولا يزن لها وزنها، وبالتالي يقدم على أن يقولها دون نتيجة، لكن لو تأمّل ما ينتج عن ذلك من أنها قد تؤدّي إلى الكفر أو تؤدّي إلى طلاق زوجته إذا كان متزوّجًا أو تؤدّي إلى خروجه من الإسلام، فينبغي أن يَحسب حسابه. نحن لا ندعو لأن يُكفّر الإنسان الّذي يسبّ الدّين، لأنه حتّى وإن كانت النّصوص الدّينية واضحة في هذا الموضوع، لكنّنا نقول بأن يُحمَّل الإنسان محمل نيّته ونيتُه ليست الخروج من الإسلام أو البعد عن الدّين أو التنكّر للدّين وإنّما بذاءة في اللّسان ندعو الله أن يتوب عنه. ثانيًا: نطلب بتوفير شرطة للآداب، فكما هنالك شرطة لتنظيم المرور وفك النّزاعات بين النّاس، أيضًا ينبغي أن تكون هناك شرطة الآداب تمنع النّاس من قول السّوء والكلام البذيء وسبّ الدّين والكفر، لأنّ هذا أيضًا من علامة نظافة المجتمع، والأمن أو الشرطة تهمّها نظافة المجتمع، ولذلك لو كانت هناك شرطة آداب وأخذت هذا الشّخص إلى محكمة الآداب ليعاقب أو يزجر أو يغلّظ حسب مستويات العقاب، على الأقل ستكون الحياة أفضل.وهل يجوز مصاحبتهم أو الكلام معهم؟ لا، لأنّه من وسائل العقوبة أن تبتعد عن مثل هؤلاء النّاس، وأن يُقاطعوا في المعاملة وفي البيع وفي التّحية أيضًا، لأنّ الإنسان الذي يعتدي على دينك يعتدي عليك ويعتدي على معتقداتك، فينبغي علينا أن نعمل على أن يكون هذا النّوع من العقاب هو التربية بالعمل وبالسّلوك وبالمعاملة، بأن نبتعد عنهم وأن لا نسلُك سلوكهم وأن يكون لدينا موقف يختلف عن هذه المواقف الّتي سلكها هذا الشخص.برأيكم، هل أصبح سبّ الذّات الإلهية ظاهرة في مجتمعنا؟ للأسف الشّديد نعم، حتّى أنّنا شاهدنا في مدينة قسنطينة وفي ولايات أخرى مثل سطيف وغيرها حملات لمقاومة البذاءة في القول والكلام الفاحش، حيث أصبح الإنسان لا يستطيع أن يمشي مع ابنه أو ابنته أو زوجته أو أمّه أو أبيه، لأن بعض النّاس يتكلّمون وكأنهم يقولون كلامًا عاديًا جدًّا لا يبالون بمخاطره وعواقبه، لذلك لابدّ لهذه الظاهرة أن تقاوم بالعلم وبالخُلُق وبالقدوة وبالنّموذجية وبالسّلوك الحسن من جميع النّاس.لكن من هؤلاء الشّباب مَن يرتاد المساجد، ما تعليقك؟ هذا منتهى التّناقض، فالإسلام ليس بالشكل، لأنّ الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، فكيف لإنسان يرتاد المسجد والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: “إذا رأيتم الرّجل يرتاد المساجد فاشهدوا له بالخير”، والتناقض أن تكون من عباد المساجد وفي الوقت نفسه نسمع منك كلامًا بذيئًا أو سبًّا للدّين أو كفرًا بالله، وهذا يعني أنّ هناك خللا أو خطأ، إمّا لأنّ تديُّنَك ليس صحيحًا أو أنّ هذا الكلام الذي تقوله تمثيل وليس صحيحا. فبأي موقف نتعامل مع هذا الإنسان؟وبماذا تنصحون؟ هذه ازدواجية في الشّخصية، وهناك أئمة وأطباء يعالجونهم نفسيًا حتّى تلتئم شخصيتهم من جديد ويبتعدوا عن هذه الازدواجية، لأنّ الازدواجية في الشّخصية تمزّق الشّخصية في حدّ ذاتها، وهذا خلل نفسي ينبغي أن يُعالج.القانون لا يعاقب مقترف سب الذات الإلهية بينما يعاقب من يسيء للأشخاص بالسب العلني، ما رأيكم في ذلك؟لو طبّقنا هذا القانون ستُطلّق كلّ النّساء، لذلك نحن نقول كما قال الله تبارك وتعالى:{لا يُؤاخِذُكم الله باللّغو في أيمانكم} يعني يُنَوَّى الإنسان حسب نيته، والنّية ليس المقصود بها أنه يسبّ الدّين ليخرج من الملّة وإنّما هي بذاءة تعلّمها الإنسان دون أن يحسب لها حسابا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: