أبقت حكومة الرئيس بوتفليقة على نفس وتيرة الإنفاق ، مع الكشف عن غلاف مالي جديد لمخطط دعم النمو الجديد 2015-2019 دون أن تعطي لنفسها عناء تقديم حصائل موضوعية على المخططات السابقة التي لم تحقق الهدف المنشود منها، بالنظر الى عدم الترشيد وعدم توظيف الموارد بصورة تسمح بإرساء اقتصاد بديل عن المحروقات وبعد أن تم إنفاق قرابة 800 مليار دولار، أي ما يعادل القيمة الحالية لثمانية مشاريع مارشال ساهم واحد منها في نهوض أوروبا، ستبقى الجزائر تحقق وفقا لتوقعات الحكومة نسب نمو متواضعة في حدود 3.5 في المائة من الناتج المحلي الخام. المخطط الخماسي الجديد الذي سيشرع فعليا في تطبيقه مع بداية السنة المقبلة، لم يتم بعد تحديد تفاصيله والأغلفة المخصصة للقطاعات وإن كانت التوقعات تميل إلى البقاء في نفس مستويات الإنفاق لقطاع الإنشاءات والبنى التحتية والأشغال العمومية والبناء والتي تأخذ حصة الأسد في مجال النفقات العمومية التي غالبا ما تستفيد منها الشركات الأجنبية لقدرتها الاستيعابية الكبيرة.كما يرتقب أن يتم تخصيص قيمة مالية هي عبارة عن اقتطاع للمخطط السابق 2010-2014، حيث تأكد على غرار مخطط 2005-2009 عدم استكمال كافة البرامج والمشاريع المسطرة، بل إن مشاريع تعود إلى المخطط 2005-2009 سيتم استكمالها في المخطط الخماسي الجديد بالنظر إلى غياب رؤية واضحة فيما يتعلق بالتنسيق بين مختلف الهيئات والمؤسسات المكلفة بالإشراف على المشاريع المصنّفة عادة ضمن الاستراتيجية، منها الطرق والسكك الحديدية والسدود والنقل العمومي التي غالبا ما تشهد إعادة تقييم لأغلفتها المالية بصورة دورية ويقدّر حسب مصادر عليمة بأكثر من 60 مليار دولارا، وهو ما يؤكد عدم الفعالية والنجاعة في تسيير الموارد المالية.ومن الواضح أن السلطات العمومية لا تزال تصر على اتباع نفس المقاربات في تصوّرها لمخططات دعم نمو وفقا لتصور كينزي، يحفز الطلب عبر المشاريع الكبيرة لفائدة المؤسسات ويدعن القدرة الشرائية ويضبط التضخم بصورة اصطناعية لتحفيز طلب الأسر، وبالتالي يحرك الاقتصاد، ولكن التجربة بينّت أن جزء كبير من المشاريع تعود إلى الشركات الأجنبية، وأن القدرة الاستيعابية للمؤسسات الجزائرية محدود،كما أن التسيير الإداري البيروقراطي للاقتصاد الجزائري وتداخل العديد من الهيئات في مجال صلاحيات غير محدد يتيح الكثير من الثغرات التي برزت بالخصوص في عدم استكمال بعض المشاريع الاستراتيجية مثل الطريق السيار شرق غرب وتضخم قيمتها إلى حدود غير منطقية، ثم تحقيق الجزائر لنسب نمو ما بين 3.5 و4 في المائة مقابل ضخ ما بين 10و12 في المائة من الناتج المحلي الخام سنويا، أي أن الأثر المضاعف غير متاح لاقتصاد لا يزال ريعيا بامتياز، ولا تشكل فيه القطاعات الإنتاجية سوى 17 في المائة، منها 1 للفلاحة و5 للصناعة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات