فكرتان قطبيتان، كانتا وراء قصة التكفير واستحلال الدماء وتأسيس الجهاديات وتفرعاتها والقاعدة ومشتقاتها، أولاهما تتمثل في إطلاق صفة الجاهلية ونزع صفة الإسلام عن المجتمعات الإسلامية المعاصرة، أما الثانية فإنها تتمثل في الحاكمية التي تتطلب تطبيق الشريعة الإسلامية، تلك هي نظرية سيد قطب التي فسرها وفصلها بكل وضوح وبلا تحفظات في ”معالم في الطريق” و”في ظلال القرآن” و”خصائص التصور الإسلامي” و”مقومات التصور الإسلامي”، وقد أقر فيها جاهليتين، جاهلية ما قبل الإسلام وبعثة الرسول عليه الصلاة والسلام، والجاهلية الحديثة والمعاصرة التي أصابت المجتمعات الإسلامية فنزعت عنها صفة الإسلام. فسيد قطب أول من نظر لفكرة الفسطاطين والدارين، فهو لا يعترف سوى بنوعين من المجتمعات، مجتمع إسلامي ومجتمع جاهلي، وهو الذي لا يطبق فيه الإسلام. فالمجتمع الإسلامي عنده ليس ذلك الذي يضم أناسا يسمون أنفسهم مسلمين، فالمجتمع قد يكون جاهليا وإن صلى وصام وحج البيت الحرام، وحتى لو أقر بوجود الله ـ سبحانه - وترك الناس يقيمون الشعائر لله في البيع والكنائس والمساجد كما يحدد ذلك في ”معالم الطريق”.
والفرق بين حسن البنا وسيد قطب، يكمن في أن الأول نفا شرعية الحكومات القائمة في عصره، على اعتبار أنها ليست قائمة على أسس إسلامية كما يقول، بينما حكم سيد قطب على المجتمعات كلها بأنها جاهلية، ونفى وجود أي أمة إسلامية أو عالم إسلامي، ونفى الإسلام عن أي كيان منظم، طالما لا يقيم الحاكمية المشروطة عنده بتطبيق الشريعة، وهو ما حاول المرشد الثاني لجماعة الإخوان حسن الهضيبي أن يصوبه عندما ألّف كتابه ”دعاة لا قضاة”، والذي ينفي فيه عن الإخوان اعتناق الفكر المؤدي إلى التكفير.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات