بما أن الأخلاق قيم ومبادئ إنسانية نبيلة وطاهرة.. والسياسة سلوك للإنسان في تدبير المصالح، فإن العلاقة بينهما ارتبطت ارتباطا وثيقا منذ القدم، إما إيجابا أعطت الخير عندما تخضع السياسة لمنطق الأخلاق والمبادئ فيسود العدل والإنصاف في المجتمع الذي يحفظ الحقوق ويهتم بالواجبات، أو سلبا فيؤدي إلى الشر والعمل من أجل المصلحة الخاصة فيسود الظلم والغبن في مجتمع اللانظام.. ويغيب المستبد فيه كل القيم الإنسانية كي يديم امتيازاته ويحمي مكاسبه فتعم أخلاق الخنوع والذل والدجل والوشاية.. وما نشاهده اليوم من خلال تجليات الأخلاق والسياسة في الجزائر، حيث وصلت السياسة في السنوات الأخيرة إلى مستوى منحط أخلاقيا وسلوكيا، أي إنها ارتبطت بمبادئ الكسب والغنيمة بدل الأخلاق والمبادئ. نتيجة لما آل إليه الواقع السياسي بسبب سلوكياتهم المشينة واللاأخلاقية سواء كأحزاب ومجموعات أو كأفراد. فالواقع السياسي في الجزائر أصبح في حالة يرثى لها ومدعاة للأسف والإحباط وعبارة عن ذوق لأناس لا معنى لهم ولا هدفا عاما وصادقا لهم، بل صادما في الغالب لشعب سئم مما يرى فارتفعت نسبة العزوف عن الانتخابات، بعد أن تخلى عن المشاركة في الحياة العامة وأوقف شبابه الانخراط في الأحزاب السياسية بعد أن انخرطت هذه في صراعات داخلية بين مكوناتها أدت إلى تصدع في صفوفها إلى حد الانشقاق وإلى تباين حاد في المواقف والرؤى السياسة، بل وإلى اختلاف في الإيديولوجيا، فنجد أفراد الأحزاب الذين غلبت عليهم الأنانية واهتمامهم بالمصلحة الخاصة واكتساح المؤسسات والاستحواذ على خير البلاد والعباد والحصول على الريع السياسي دون تقديم برامجها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. باعتماد أساليب لا أخلاقية وانتهازية غاياتها تبرر الوسيلة.. طبعا على حساب الأخلاق العامة والمبادئ الإنسانية وقيم الحضارة دون ما اهتمام ضروري بالصالح العام.كان من الأحرى على الأحزاب ومن واجبها الأخلاقي والدستوري تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وتدبير الشأن العام، لتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية.
عبد المالك
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات