تأمّــــــــــلات في ســـــــورة المطففين

+ -

 هذه السّورة تصوّر قطاعًا من الواقع العملي الّذي كانت الدّعوة تواجهه في مكّة إلى جانب ما كانت تستهدفه من إيقاظ القلوب وهزّ المشاعر، وتوجيهها إلى هذا الحدث في حياة العرب وفي حياة الإنسانية، وهو الرّسالة السّماوية للأرض، وما تتضمّنه من تصوّر جديد شامل محيط.هذا القطاع من الواقع العملي تصوّره السورة في أوّلها، وهي تتهدّد المطففين بالوَيْل في اليوم العظيم، {يومَ يقومُ النّاس لِرَبِّ العَالمين}.. كما تصوّره في ختامها وهي تصف سوء أدب الّذين أجرموا مع الّذين آمنوا، وتغامزهم عليهم، وضحكهم منهم، وقولهم عنهم: {إنّ هؤلاء لضالون}!وهذا إلى جانب ما تعرضه من حال الفجّار وحال الأبرار؛ ومصير هؤلاء وهؤلاء في ذلك اليوم العظيم.وهي تتألّف من أربعة مقاطع.. يبدأ المقطع الأوّل منها بإعلان الحرب على المطفّفين: {وَيْلٌ لِلْمُطَفَّفِينَ الّذين إذا اكْتَالُوا على النّاس يستوفون وإذَا كالُوهُم أوْ وَزَنُوهُم يُخْسِرون ألَا يَظُنّ أولئِك أنَّهُم مَبُعوثون ليوم عظيمٍ يَوْمَ يقومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين}. ويتحدّث المقطع الثاني في شِدّة وردع وزجر، وتهديد بالويل والهلاك، ودمغ بالإثم والاعتداء، وبيان لسبب هذا العمى وعلّة هذا الانطماس، وتصوير لجزائهم يوم القيامة، وعذابهم بالحجاب عن ربّهم، كما حجبت الآثام في الأرض قلوبهم، ثمّ بالجحيم مع التّرذيل والتّأنيب: {كَلَّا إنّ كتَابَ الفُجّار لفِي سجين ومَا أدْراك ما سِجِّين كتابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يومئذٍ للْمُكذِّبين الّذين يُكَذِّبون بيَوْم الدِّين..}. والمقطع الثالث يعرض الصفحة المقابلة، صفحة الأبرار، ورفعة مقامهم، والنّعيم المقرّر لهم، ونضرته الّتي تفيض على وجوههم، والرّحيق الّذي يشربون وهم على الأرائك ينظرون.. وهي صفحة ناعمة وضيئة: {كَلّا إنّ كتابَ الأبْرَار لَفِي عِلِّيين ومَا أدْراك مَا عِلِّيُون كِتَابٌ مَرْقُومٌ، يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُون إنّ الأبرار لفي نعيم، على الأرائك يَنْظُرون..}. [بتصرف من ”ظلال القرآن” لسيد قطب].

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات