أعادت معظم الدول الغربية تفعيل تحذيراتها بشأن السفر لعدد من البلدان من بينها الجزائر، بالنظر إلى تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة الساحل، حيث أضحت المنطقة توضع في الخانة الحمراء، لتوسع نشاط الجماعات الإسلامية المسلحة بمختلف تشكيلاتها وإقدامها على استهداف المصالح والرعايا الغربيين.وتجد الجزائر نفسها مجددا في قلب التحولات الدراماتيكية التي تعرفها المنطقة ككل، ما يجعلها طرفا فيها، لاسيما في الساحل وليبيا، وهو ما يجعلها، وفقا للاستعلامات الغربية ومراكز صناعة القرار، ضمن الدول المستهدفة، سواء من قبل المجموعات المسلحة التقليدية النشطة منذ سنوات كتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أو حركة التوحيد والجهاد في منطقة غرب إفريقيا، ولكن أيضا مع ارتدادات نشاطات جماعات مسلحة حديثة النشأة أو تلك التي عرفت تحولات هيكلية عن المنظمة الأم تنظيم القاعدة، منها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام والمعروفة اختصاراً بـ”داعش” والتي أرست شبكة تحالفات إقليمية في ليبيا وحتى تونس من خلال أنصار الشريعة.وتقاطعت المعلومات الاستخباراتية، بانتشار عناصر من التنظيم العائدين من سوريا والعراق في ليبيا وحتى تونس، تحضيرا لاستهداف مصالح غربية وخاصة أمريكية، وهو ما يوحي بإمكانية إيجاد المبررات لتموقع أمريكي بالمنطقة بعد منطقة الشرق الأوسط التي تدعمت بإقامة القيادة المركزية “السانتكوم” في قطر، وتوسيع دائرة نشاط الأسطول الخامس في البحرين والبحر الأحمر، فضلا عن إعادة الانتشار في الكويت. علما أن التوجهات الأمريكية الجديدة أضحت تميل لجعل القارة الإفريقية، بداية بالساحل والقرن الإفريقي، نقطة ارتكاز إستراتيجية لتواجد عسكري أمريكي دائم، تمهيدا لنقل جزء من مصالح القيادة المركزية إليها. وبالتالي، فإن عدم استقرار المنطقة سيمهد لتبرير مثل هذا الوجود على المدى المتوسط وحتى البعيد، تأمينا للمصالح الغربية.وتزامن تحيين تحذيرات السفر إلى عدة مناطق في الجزائر خاصة المناطق الجنوبية، من بلدان غربية، في أعقاب التحذير الأمريكي، تلاه الإيطالي وقبله الإسباني والبريطاني، فعدة بلدان أوروبية نصحت رعاياها بعدم التوجه إلى المناطق الجنوبية الجزائرية، مبررة ذلك بإمكانية حدوث عمليات اختطاف أو استهداف للمصالح الغربية، كما سبق وأن حدث سنة 2003، في أكبر عملية اختطاف قادها عماري صايفي المدعو عبد الرزاق البارا، ثم عمليات اختطاف حصلت في 2011، وآخر عملية احتجاز للرهائن بعد استهداف مركب الغاز بتيڤنتورين في جانفي 2013.وتوجد الجزائر، التي تصنف ضمن أهم البلدان الطاقوية مع ليبيا ونيجيريا في إفريقيا، في قلب قوس الأزمات، بداية بالأزمة الليبية التي أضحت بؤرة توتر عالية، مع انتشار السلاح على نطاق واسع، حيث تفيد التقديرات غير الرسمية بانتشار حوالي 3 ملايين قطعة سلاح دون رقابة وغياب دولة مركزية قادرة على التحكم في الأوضاع، وتعدد الأطراف الفاعلة في المعادلة الليبية، يضاف إليها الوضع غير المستقر في مالي، وعدم قدرة باريس، بعد عملية “سيرفال”، على ضمان استقرار فعلي في شمال البلاد، بل سجلت عودة للمجموعات المسلحة.ويعكس ترؤس الولايات المتحدة لاجتماع مجلس الأمن لأول مرة مند 2009 وتخصيص أهم نقاط فيه لتنامي دور تنظيم داعش، وتركيز دوائر القرار على ما بات يصطلح عليه بالتنظيمات المتطرفة المسلحة، التوجهات الأمريكية الجديدة التي تصب في التحضير لمرحلة ما بعد ما عرف بالربيع العربي من جهة، والتموقع في المناطق الجديدة بذريعة حماية المصالح الغربية في المنطقة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات