تأمّــــــــــلات في ســـــــورة الجـــــــــــــــــن

+ -

 يقول الأستاذ راتب النابلسي: الفرق بين ماهية الإنسان والحيوان والمَلَك أنّ المَلَك يُسبِّح اللّه وهو ناجٍ من مسؤولية الاختيار فقد رُكِّبَ من عقلٍ بلا شهوة، أمّا الحيوان فقد رُكِّبَ من شهوةٍ بلا عقل، فالمَلَك يسبِّح والحيوان يأكل ويُسبِّح، لقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} الإسراء:44.إلّا أنّ هناك آياتٍ كثيرة قرنت الجنّ بالإنس، فقد قال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} الرّحمن. {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} الإسراء.لقد استُنبط من هذه الآيات أنّ الجنّ أيضًا هم مخلوقاتٌ من نوعٍ خاص، كما هو الحال في الإنسان، فهو مخلوقٌ أوّل لأنّه قَبل حمل أمانة التّكليف كما أنّه قبل أن يغامر، فأودعت فيه الشّهوات وأُعطي عقلاً في وقتٍ واحد، فالمَلَك رُكِّبَ من عقلٍ بلا شهوة، والحيوان رُكِّب من شهوةٍ بلا عقل، لكن الإنسان ركّب من كليهما، فعنده نوازع أرضية كما يمتلك تطلُّعاتٌ إلى السّماء، وذلك لأنّ الإنسان مخلوقٌ متميّز فهو ليس ملكًا ولا حيوانًا، فالحيوان هو شهوة فقط، أمّا المَلك فهو عقل فقط، أمّا الإنسان ففيه العقلٌ وفيه الشّهوةٌ، فإن سمت شهوته على عقله كان دون الحيوان، وإن أحقر حيوان ترونه بأعينكم هو أفضل من الإنسان الشّارد عن منهج اللّه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيّةِ} البَيِّنَة. أي: إنّ هؤلاء هم شرّ ما برأ اللّه، ولكن الإنسان إذا سما بعقله على شهوته أصبح فوق الملائكة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات