محمد العيد خالدي، مدير مركز السلام الإغاثي لمدينة “باسيلا” في دولة البنين، أحد أبناء ولاية الوادي وكان على متن الطائرة الجزائرية عائدا إلى ذويه في قرية الخبنة ببلدية النخلة، لقضاء فرحة عيد الفطر معهم، لكنه توفي في حادث تحطم الطائرة في شمال مالي يوم 26 جويلية الماضي رفقة 118 راكب. محمد العيد خالدي من مواليد 10 أفريل 1977 بقرية الخبنة ببلدية النخلة إلى الجنوب من ولاية الوادي، خلّف وراءه زوجة وولدا عمره 5 سنوات وبنتا ذات 3 سنوات، له 9 أشقاء، هو رابعهم و3 أخوات.تابع جميع مراحل التعليم في بلدته إلى غاية تخرجه من جامعة ورڤلة سنة 2001 بشهادة الليسانس في علم النفس، كما كان الفقيد ناشطا نقابيا وعضوا في المكتب الوطني للاتحاد العام الطلابي الحر. كان العيد، حسب شقيقه الساسي، يبدي في مرحلة شبابه ميولا واضحة لرعاية الأطفال والتكفل بهم، إلى أن جاءته الفرصة ليلتحق بأحد فروع هيئة الإغاثة العالمية الإسلامية في إفريقيا، لينتهي به الأمر منذ سنة 2006 إلى الاستقرار بجمعية الدعم المباشر الخيرية للإغاثة المتواجدة في 30 دولة افريقية، والتي كان قد أسسها الطبيب الكويتي الراحل عبد الرحمن حمود السميط.يقول الساسي بأن شقيقه كان يحدّثهم عن نشاطه الخيري والدعوي ضمن رفقائه من دول أخرى، وبأنه مشدود إلى العمل الخيري والإنساني، وقد كان له مع إخوانه في الجمعية شرف إدخال عدد لا يحصى من الأفارقة إلى الدين الإسلامي وتجنيبهم حركات التبشير المسيحية التي تستهدف الأطفال والعائلات الفقيرة عن طريق الإغراءات المادية.وحسب الساسي، فإن محمد العيد كان يشرف على إدارة مركز “باسيلا” في دولة البنين، حيث يقوم تحت إشراف جمعية الدعم المباشر الخيرية الإغاثية بالعديد من المشاريع التطوعية، منها التعليم والتكوين، حيث يقدم المركز للعائلات الفقيرة وخاصة النساء دروسا تكوينية في بعض الحرف اللازمة هناك من شأنها إنقاذ هذه العائلات من الجوع والفقر على غرار الخياطة خصوصا.ولا يكتفي المركز بالتكوين فقط، وإنما يوفر أيضا الدعم اللوجيستيكي وكل مستلزمات الخياطة حتى بعد تخرج النساء المتكونات، كما يقدم المركز رعاية مكتملة للأطفال، حيث يتلقون دروسا في اللغة العربية والتعليم العام، مما يؤهل التلاميذ لاجتياز مراحل التعليم اللاحقة، وكذا تحفيظ القرآن الكريم وتقديم دروس الفقه، بالإضافة إلى الرعاية الصحية التامة والإيواء والإطعام، وهذا ما جعل هؤلاء الأفارقة يقبلون على المركز ومختلف فروع الجمعية في دولة البنين وفي الدول الأخرى. ويضيف الساسي أنه كانت لشقيقه محمد العيد بصمات في العمل الخيري التنموي الشامل لجمعية الدعم المباشر والذي أثمر حسب أرقامها الرسمية، بالنسبة لمشاريع التعليم، باستفادة ما يزيد عن مليون طالب في إفريقيا من البرامج التعليمية وتقديم أكثر من 700 منحة للدراسات العليا سنويا والتكفل المادي بأزيد من 2000 معلم، إضافة إلى مشاريع الصحة والمياه.رسالة الفايسبوك الأخيرةيقول الساسي بأن شقيقه أبلغ العائلة زوجته عن طريق الفايسبوك بأنه قادم من البنين نحو الجزائر عن طريق خط بوركينافاسو، وسيصل غدا على الساعة السادسة صباحا، وهي أول مرة يختار فيها شقيقه هذا الخطـ، حيث اعتاد أن يختار خط بنين- المغرب – الجزائر.وأضاف أن العائلة انتظرت في ذلك اليوم المشؤوم مكالمة هاتفية منه تخبرها بوصوله، لكنها لم تأت، كما لم تتمكن العائلة من الاتصال به.وفي هذه الأثناء أبلغهم صديق له يعمل في قناة الجزيرة في قطر، الذي كان ينشط معه في الاتحاد الطلابي الحر، بأن الطائرة التي كان على متنها محمد العيد تحطمت. وأشار الساسي بأن “كلام صديقه جعلنا نشك بأن أمرا جللا قد حدث إلى غاية أن تأكدنا من الفضائيات بأن الطائرة تحطمت في شمال مالي ولم ينج منها أي راكب. أما بالنسبة للسلطات الرسمية فلم تبلغنا بحادث الوفاة إلا بعد يومين من سماعنا به، حيث زارنا رئيس ديوان الوالي رفقة وفد رسمي وأبلغونا تعازي الجهات الرسمية”.حلم لم يتحقق.. مجمع لرعاية الأطفال الفقراء وكشف الساسي بأن شقيقه كان يعتزم الاستقرار نهائيا في مسقط رأسه بعد ثماني سنوات من العمل في دولة البنين بسبب أنه كان يريد تسجيل ابنه بالقسم التحضيري خلال الموسم الدراسي القادم..حيث أرسل أفراد عائلته إلى الجزائر في شهر فيفري سنة 2014 على أمل الالتحاق بهم فيما بعد.وقد كان ينوي أخذ عطلته السنوية بالجزائر في شهر أوت الحالي بمناسبة العيد، ثم يعود إلى البنين لاستيفاء إجراءات إدارية قبل العودة نهائيا للاستقرار في الجزائر لتحقيق حلمه بإنجاز مجمع لرعاية الأطفال الفقراء تعليما قرآنيا وعاما وتكوينا ورعاية صحية ومادية، مستمدا من نموذج المركز الذي كان يشرف عليه في بنين.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات