تأمّــــــــــلات في ســـــــورة الطــــــــــــــارق

+ -

 يقول الله تبارك وتعالى: {وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ * إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ * فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ * إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ * وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ * إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ * إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} الطّارق.يقسم الحق فى بداية هذه السّورة بالسّماء، هذا البناء الشّامخ البديع، ثمّ يوجّه الخالق سبحانه أنظارنًا إلى أمر آخر فى السّماء يقسم الله سبحانه وتعالى به، شيء ليس من السّهل إدراكه، شيء سمّاه الخالق بكلمة “الطّارق” حيث يقول فى بداية السّورة {والسّماء والطّارق}، وأعقب الله هذا القسم بقوله {وما أدْرَاك ما الطّارق}، ثمّ عرّفه الله تعالى فى الآية التالية بالقول الواضح أنّه هو {النّجْمُ الثّاقِب}.لقد اكتشف العلماء المعاصرين أنّ القرآن ردّ على استفساراتهم بالقول الأكيد، أنّ هناك نجومًا يزيد حجمهـا عن حجم الشّمس بآلاف المرّات يأتي عليهـا وقت وتفقد قدرتهـا على الاستقرار أو التّواجد.ثمّ تموت أو تنتهي حياتها، وفي هذه اللّحظة ينهار النّجم وتعلن وفاته وانتهاء حياته فيتحوّل هذا الحجم الهائل إلى لا شيء.وأين تذهب هذه الكتلة الهائلة وهذا الحجم الرّهيب؟ إنّ مادتها تتحوّل فى هذه اللّحظات إلى مادة مكدّسة لا يوجد داخل ذرّاتهـا أي فراغ، والمعلوم أنّ حجم أيّ ذرّة فى هذا الكون الفسيح ينشأ من حركة الإلكترونات بداخلهـا حول النّواة فى حلقات دائرية وبسرعات هائلة منتظمة كما لو كانت تسبيحًا ثابتًا وطاعة مطلقة دائمة لخالقها ومقدّرها.وهكذا أدرك العلماء منذ وقت قريب جدًّا، ما هو هذا الطّارق الّذي يرسل طرقاته ونبضاته فى السّماء، إنّه كما أطلق عليه علماء الغرب “النّجم الثّاقب”، وهكذا يطلق عليه القرآن نفس الاسم المعبّر عمّا يصير إليه حال النّجم إذا هوى وأصبح كهلًا أو نجمًا ثاقبًا فى السّماء يصدر أنينه وطرقاته، هكذا عبّر عنه القرآن منذ أربعة عشر قرنًا بهذه الآيات الكريمة {ومَا أدْرَاكَ مَا الطّارق}.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: