صيف والكتب... ربما يكون لعتبة العمر التي نقف فيها من أثر في اختيار ما نقرأ؟ وربما تكون للأسئلة التي ظلت عالقة بأذهاننا ولم تجب عنها القراءات السابقة أثر فيما نختار من عناوين؟ وربما يكون في الراهن الديني والسياسي والاجتماعي والفكري الذي يكتنفنا في ساعتنا أثر في الوجهة التي تحدد نوعية الاختيار؟.. هذا حق لا يمكن نكرانه، ولا يمكن تجاهله حينما نحاول معرفة أسرار الاختيارات التي امتدت إليها أيدينا في رفوف المكتبات.. كما يمكن أن يكون للمصادفة العجيبة دورها هي الأخرى في إلقاء الكتاب بين أيدينا في لحظة غفلة من رغباتنا.. لقد حدث معي شيء مماثل أحب أن أبدأ به.. حينما وضعت المصادفة السعيدة بين يدي كتابا غريبا عجيبا بعنوان أترجمه بـ “المروبصون” لصاحبه الصحفي والروائي الألماني “أرثور كيسلر” والذي خصصه لتاريخ تطور علم الفلك الغربي والنظريات الحديثة التي اعتمدت على الرياضيات والفيزياء وعلم الميكانيكا.. وغيرها من المعارف الجديدة لجعل التصور الكوبرنيكي للكون حقيقة علمية.وكانت وقفاتي مع القرآن الكريم في آيات الكون، تقدم لي تصورا آخر يمليه عليّ خالق الكون بلسانه في لغتي، فيقص عليَّ مراحل الخلق يوما بعد يوم، ومرحلة بعد مرحلة. مؤكدا أنه لم يتخذ أي واحد من “المظلين” عضدا ومساعدا.. وأن مسألة الخلق الأول غيب كلها.. ساعتها كان عليّ أن أتجاوز مرحلة “التلفيق” التي يقوم بها عدد كبير من علماء الإعجاز العلمي بين النظريات الغربية وكلام الله .. وأن أطرح كليا تلك النظريات، ما ثبت منها وما لم يثبت.. وأن أقبل على التصور القرآني للكون، وأن أنظر في أحاديث رسول الله التي وسعت المجمل في الآيات وبسطت الموجز فيها، وأن أكوّن لنفسي تصورا يُرضي تطلعاتي حتى وإن خالف الاعتقادات السائدة وصادم النظريات المستطرقة بين الناس.. قراءاتي في هذا الصيف في القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، لا تتجاوز هذا الحقل المعرفي، وقراءاتي في كتب للفلك تعيد ترتيب اليقينيات ومراجعتها لعلي أخرج بيقين جديد أؤسس عليه قناعاتي العلمية القادمة إن شاء الله.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات