+ -

من أعالي مدينة تلمسان ومن حي العبّاد العتيق، تطلّ مدرسة عتيقة أيضًا اشتهرت باسم المكان الّذي شيّدت فيه من قبل السّلطان المريني أبو الحسن سنة 747 للهجرة، بعد ثماني سنوات من بنائه لتحفة مسجد سيدي بومدين تكريمًا لضريح قطب المتصوّفة أبي مدين شعيب بداية القرن الثالث عشر ميلادي.يقول الأستاذ إبراهيم شنوفي، في حديث لـ«الخبر”، وهو أحد العارفين بتاريخ وتراث عاصمة الزيانيين، إنّ تسمية المدرسة الخلدونية صفة مزاجية أطلقت على إحدى أقدم مدارس تلمسان بعد مدرسة أولاد الإمام في عهد السّلطان أبو حمو موسى الزيّاني والّتي كانت داخل أسوار المدينة، في حين أنّ مدرسة العبّاد توجد على سفح الجبل وهي من مشاريع السّلطان أبي الحسن المريني بالمكان مثل المسجد وقصر السّلطان والحمام السلطاني وغيرها. ومن أشهر العلماء الّذين درّسوا بمدرسة العبّاد، المرازقة، خاصة الحفيد أو الكفيف، وهي عائلة تلمسانية شهيرة في التّدريس. وورد في كتاب ”البستان” لابن مريم، حسب الأستاذ إبراهيم دائمًا، أنّ  العالم والمصلح ابن زكري قد درّس بها أيضًا بمنحة من السّلطان. وأضحت المدرسة في القرون الأخيرة تحمل اسم المدرسة الخلدونية، لأنّ عبد الرّحمان بن خلدون درّس بها مختلف العلوم عند مروره بتلمسان. وتعتبر الخلدونية تحفة معمارية بداية ببابها الخشبي الكبير وساحتها المستطيلة الشّكل برواقين توجد بهما غرف صغيرة كانت مخصّصة لإيواء الطلبة، ثمّ الغرفة الكبيرة المزيّنة بقبّة خشبية عملاقة مغطّاة بالقرميد في خارج السّقف وزيّنَت القاعة بمِحراب هو تحفة في الزّخرفة والعمارة العربية الإسلامية.وبعد سنوات من الإهمال الّذي طال المدرسة في الحقبة الاستعمارية، استعادت دورها بعد الاستقلال في تحفيظ القرآن الكريم وتعليم علوم اللّغة العربية، وقد استفاد هذا المعلم التاريخي من عملية كبيرة للتّرميم وإعادة التّهيئة بمناسبة احتضان تلمسان لتظاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية سنة 2011 وحوّلَت إلى متحف للمخطوطات والكتب النّادرة وأصبحت حلقة هامة في سلسلة المسارات السياحية الّتي يختارها زوار تلمسان للوقوف على عبق التّاريخ المشرق بأحد حواضرنا الخالدة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات