مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ

+ -

 جاءت هذه القاعدة الإيمانية في قوله الله تعالى: “لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ”، ومعنى: لا سبيل عليهم: لا جناح عليهم. ولا طريق للعاتب عليهم، أي من طريق بالعقوبة، لأنّ المحسن قد سدّ بإحسانه باب العقاب. وإنّما وصفهم بالمحسنين لأنّهم نصحوا لله ورسوله ورفع عنهم العقوبة والتّعنيف واللّوم.قال العلاّمة السّعديّ: “مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ” أي: من سبيل يكون عليهم فيه تبعة، فإنّهم -بإحسانهم فيما عليهم من حقوق الله وحقوق العباد- أسقطوا توجه اللّوم عليهم، وإذا أحسن العبد فيما يقدر عليه، سقط عنه ما لا يقدر عليه. ويستدل بهذه الآية على قاعدة وهي: أنّ من أحسن على غيره، في نفسه أو في ماله، ونحو ذلك، ثمّ ترتّب على إحسانه نقص أو تلف، أنّه غير ضامن لأنّه محسن، ولا سبيل على المحسنين، كما أنّه يدلّ على أنّ غير المحسن -وهو المسيء- كالمفرّط، أنّ عليه الضّمان. {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ومن مغفرته ورحمته، عفَا عن العاجزين، وأثابهم بنيتهم الجازمة ثواب القادرين الفاعلين”.قال الشّهاب الخفاجي: “مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ” كلام جار مجرى المثل، وهو إمّا عام ويدخل فيه من ذكر أو مخصوص بهؤلاء، فالإحسان النُّصح لله والرّسول، والإثم المنفي إثم التخلّف، فيكون تأكيدًا لما قبله بعينه على أبلغ وجه وألطف سبك، وهو من بليغ الكلام، لأنّ معناه لا سبيل لعاتب عليه أي لا يمرّ به العاتب ويجوز في أرضه، فما أبعد العتاب عنه فتفطن للبلاغة القرآنية”.نعم إنّ الإحسان يُقرّب العبد من الله ويحبّبه إلى الخلق، والإحسان سبيل الأجر في الآخرة كما هو حفظ لصاحبه في الدّنيا. والإحسان يسدّ باب غضب الله كما يغلق منافذ العقاب على النّاس.*إمام وأستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة - بوزريعة

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات